دور المنبر في مواجعة الفكر التكفيري

 أ. بهجت المتروك

في الرواية أنه أقبل رجل غائر العينين ، ناتىء الجبين ، كث اللحية ، مشرق الوجنتين ، محلوق الرس ، على الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا محمد اتق الله فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (( فمن يطيع الله إذا عصيته ! فيأمني  على أهل الأرض ، ولا تأمنوني !!)).

فسأل خالد بن  الوليد أن يقتله ، فمنعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (( إن من ضئضى هذا قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية ، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان ، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد )).

( يقتلون أهل الإسلام ) لتكفيرهم إياهم ، ويدعون أهل الأوثان ، (أهل عبادة الأصنام وغيرهم من الكفار ) .

نقاط البحث :

         1-    نشأة الفكر التكفيري ، أهدافه وتمويله .

         2-    أسباب انحراف المجتمع الإسلامي ليصبح بذلك بيئة حاضنة للفكر التكفيري .

         3-    هل أن المجتمع الشيعي عرضة أيضا لهكذا انحراف ,

         4-    ما هو الدور الذي يجب أن يركز عليه المنبر الحسيني للتصدي لمثل هذه الانحرافات والعمل على تقوية المجتمع الشيعي .

أولاً : نشأة الفكر التكفيري :

  v    تطورت وتدرجت الحركة السلفية إلى ما يسمى بالحركة الجهادية السلفية .

  v    هذه الجماعات تدعي أنها كانت تتهيأ لعملية تصحيح كبرى في المجتمع والدولة ، إلى أن بلغ بها الحال لأن تعلن نفسها الجماعة الإنقاذية التي على  يدها ملء الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا .

  v    تبموا فكرة أن وجود الحكام الجبابرة هلاك للدين وهدم للحق وإحياء للبدعة وإطفاء للسنة .

  v    هذه الجماعة تبنت المبادىء الوهابية  الأولى بأوضاعها الثلاثة : التكفير ، الهجرة ، الجهاد .

  v    أنها تمثل الوارث التاريخي والشرعي لجيل الجهاديين الذي تربى على تعاليم محمد بن عبدالوهاب

تقسم الناس إلى ثلاث طوائف :

  §        أهل العلو والفساد .. ومن يدعو إلى الله على جهل وضلال ، فيهدي بغير هدى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويستن بغير سنته .

  §        وأهل الذلة والمسكنة .

  §        وهناك طائفة ثالثة هي المنصورة وهي النموذج<< الذي رضيه الله وأمرنا به ، فهو نصر دينه حتى يكون ظاهرا على الدين كله>> ، والطائفة المنصورة بحسب رؤيتهم المستمدة من ابن تيمية كما وردت في مجموعة الفتاوى الخاصة بهم ، وهذا ما نحده في أدبيات السلفية الجهادية ( القاعدة وداعش ) .

  v    ومن متبنياتهم أيضا أن الواقع القائم لابد من تغييره بكل السبل وأن تطلب الأمر رفع السلاح .

  v    هذه المراحل تمثل خارطة طريق للحركة السلفية الجهادية المنشقة من داخل الحركة السلفية التقليدية ، ويعللون ذلك أنه بعد أن تخلى الدعاة والعلماء عن وظيفتهم الدعوية الجهادية منذ تماهوا مع السلطة ، ونبذوا تعاليم الوهابية الأصلية وراء ظهورهم باعتبارها هجرة وجهاد إلى يوم القيامة .

  v    هذه الخارطة تقوم على تكفير المجتمع ثم الهجرة منه وثالثا إعلان الجهاد عليه .

<<الدولة الإسلامية >> أو <<الخلافة >> وتتويج أبوبكر البغدادي "أبراهيم بن عواد " خليفة على المسلمين  والتركيز على أنه من أصول قرشية لتكتمل بذلك شريعته.

      -         يتضح من ذلك جليا من الممول لهذه الحركات الجهادية على اختلاف مسمياتها ، والتي تشكل البيئة الحاضنة لهؤلاء ،بالإضافة إلى التمويل الدولي الذي وجد في هذه المجموعات تحقيق لغايتهم وأهدافهم وأطماعهم اللا أخلافية والمنافقية لتعاليم الإسلام .

      -         وهنا يأتي السؤال كيف تكون مجموعات إسلامية منقذة للعالم الإسلامي وتأتي بما ينافي التعاليم الإسلامية ؟ الجواب :

       1-    فهم الدين بما يتناسب مع هذا الفكر ، أن الآيات القرآنية الجهادية نسخت الآيات المدنية والسليمة " قاتلوا المشركين كافة " + قتل المرتدين .

       2-    تقسيم الناس إلى الأقسام المذكورة أعلاه .

       3-    قتال المشركين في العراق وغيرها الذين يدعون عليا وفاطمة والحسن والحسين مع الله .

       4-    أولوية قتال المرتدين ومن ثم قتال المشركين .

       5-    لذلك سارعت الدول المستفيدة والراعية لهذه المجموعات على إعداد شخصية ( أبوبكر بغدادي ) ليقود المرحلة ، اتنفيذ مخططاتها التدميرية  للإسلام والمسلمين تحت عنوان ما يسمى بالربيع العربي ، والسيطرة على الدول وثرواتها وإعادة تقسيم حدودها بما يعرف بخارطة الشرق الجديد ، بعد أن فشل مشروع إسقاط  ، مقتل الحر + 1559+ النهر البارد +2006 +  +1701  والفشل في مواجهة النووي الإيراني .

ثاني : أسباب انحراف المجتمع الإسلامي ليصبح بذلك بيئة للفكر التكفيري  

       1)    الارتكاز الديني العقائدي – جلب الجهاديين من شتى بقاع العالم .

       2)    تحول داعش إلى ما يشبه الملاذ الآمن وصانع الأحلام الوهابية في المنطقة .

       3)    الشحن الطائفي والمذهبي – مثاله الموصل + نموذج الجيش السوري .

       4)    تدعو هذه المجموعات لرؤية خاصة في اللامذهبية ، ويدعو للتخلي عن مذاهب والعودة المباشرة إلى الكتاب والسنة ، وهو ما فتح الباب أمام دخول مئات بل آلاف من طلبة العلم إلى عالم الأفتاء ، لأنهم يقولون أن كلما في الكتبا واضح وجلي وصاروا يفتون بناء على ما يعتقدونه من الكتاب والسنة ، مما أدى إلى الهرج والمرج في الدين وتحريفه عن مساره السامي إلى دين قتل وتوحش .

       5)    الفقر وإغراء المال الذي جلب الفقراء إلى تلك المجموعات .

       6)    أبناء المهاجرين إلى أوروبا من الجيل  الثالث الذين عانوا من الفقر واعتنقوا الفكر الوهابي التكفيري .

ثالثا : هل أن المجتمع الشيعي عرضة أيضا لهكذا انحراف ؟

        1-    المذهب الجفري قائم على علوم أهل البيت عليهم السلام وتفسير أهل البيت (ع) للقرآن الكريم ، هذه المعرفة لابد أن يتحلى بها الموالي وتكون راسخة لديه كسلاح يجعله قادر على مواجهة الفتن التي اجتاحت العالم الإسلامي بعد ما يسمى بالربيع العربي .

        2-    هناك موجة من ورائها أيدي خفية تعمل على ضعضعة وتوهين المذهب الجعفري وعلى ألسنة معممين ينسفون فيها بعض الركائز التي تخص المذهب وعرضها للنقاش على العامة من حيث يعلمون أولا يعلمون ومثاله – موضوع الخمس + الأدعية + غيرها .

        3-    إتهام الشيعة بالشرك من قبل الجماعات الجهادية وانكارهم لبعض الأمور العقائدية مثل التوسل بأهل البيت ،وزيارة القبور ، الرجعة ، البداء ، وغيرها ، كل هذه الأمور قد تخل الشك في قلب البعض من الشيعة غير المتمكن من فهم المذهب و التعبد به .

رابعاً: ما هو الدور الذي يجب أن يركز عليه المنبر الحسيني للتصدي لمثل هذه الانحرافات والعمل على تقوية المجتمع الشيعي ؟

      1-    التركيز على فهم العقيدة الإسلامية على مذهب أهل البيت (ع) بطريقة مبسطة جدا ضمن إطار تفهيم المفاهيم العقائدية المذهبية عند الشباب وتقويتها ولرد الشبهات : الولاية التكوينية – الرجعة – التوسل بأهل البيت – التقية – البداء – الإمامة – العصمة – الإمام المهدي أهمية وجوده في غيبته وظهوره وصفات المنتظر ( هذا من باب ضرب المثال لا الحصر ).

      2-    التركيز على مفهوم الوحدة الإسلامية – الهدف منها – مخاطر التخلي عنها .

      3-    التركيز على تثقيف الشباب بالدور الملقى عليه لتبني مفهوم الوحدة الإسلامية حين التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي تويتر – فيس بوك – وغيرها ، مثاله : ليس المطلوب منك أن تشيع السني المطلوب هو أن تكون مثال لأخلاق أهل البيت عند قيادة أي حوار مع الآخر ، وإذا كانت لا تتحلى بالعلم و المعرفة لقيادة الحوار الهادف فالأفضل السكوت ، لابد من دراسة هذا الموضوع ووضع الخطط لمواجهة الجدال الم{ زم على طريقة بعض القنوات .

      4-    مناقشة ومواجهة المحاولات التي بدأت تظهر مؤخرا من قبل أيدي خفية والتي قد تكون بقصد التوهين عن طريق انقاد المذهب الجعفري – أدعية – ممارسات مذهبية (التوسل) – احكام مذهبية (الخمس مثلا ) من قبل معممين يناقشون الأمور التخصصية مع العامة ، مما يتناسب مع الفكر التكفيري الذي فتح باب الافتاء لجميع طلبة العلم عن طريق الغاء المذاهب .

      5-    لابد من فتح باب الحوار مع الشباب من كل التيارات الدينية والسياسة والاجتماعية ضمن إطار توعية المجتمع الشيعي بأهمية التماسك ومواجهة الاوضاع الحالية .

      6-    التركيز على أهمية المرجعية (التقليد ) واهمية القيادة المرجعية لتخطي الفتن التي يتعرض لها المجتمع الشيعي ( هناك من يدعي انه اليماني مثلا ).

       7-    العمل على تقوية الوعي بما يجري من أحداث من خلال التركيز على الحديث النبوي الشريف : (من بات ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم ) ثقافيا وسياسيا وماديا ومعنويا ."من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم ".