بسم الله الرحمن الرحيم  

كيف ينبغي للخطاب أن ينسجم مع روح العصر دون المساس بجوهر الرسالة لثوابتها الفكرية ؟؟؟

أ. لميعة صغير

قال تعالى:

وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَالحا وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ                                                                                  فصلت 33

قوله تعالى :

ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ                            النحل 125

 

يعد الخطاب الديني الوسيلة الأولى التي تتخذها الأديان السماوية لإصال منهجها وفكرها للموالي والمخالف بالرغم من اختلاف طرقه وتعددها.

ويعد الخطاب الديني الإسلامي من أكثر الخطابات ذات الطابع المميز الذي ينتج عنه تقلبات وأفكار ومناهج تؤثر على العقيدة الدينية وعلى المنتمين اليها ، ومر هذا الخطاب بمراحل عديدة ومتنوعه سواء من حيث المنهج والأسلوب والمقصد منذ بداية الرسالة المحمدية إلى عصرنا الحالي ويفقد الخطاب الديني تأثيره ونفوذه اذا وجد الناس أن هذا الخطاب فقد شطراً من قيمه وأصوله وتحول إلى أداة سياسية أو وجّه حامل هذا الخطاب خطابه لخدمة الغايات الشخصية أو الفئوية

ويواجه الخطاب الديني تحديات كبرى وخطيره سواء على مستوى متبنيه أو المتلقين له. يقف الخطاب الديني في الوقت الحاضر أمام مأزقين حقيقين 

1-  أمام الحملة الكبيرة التي يشنه الغرب في تشويه صورة الإسلام والمسلمين منذ أحداث 11سبتمبر وما انتجته من ضغوط ومناداة بالتغيير السياسي والديني في المجتمعات العربية والاسلامية

2-  المأزق الداخلي وهو الأخطر على الامة وتتبناه الغرب في سياستهم الحاليه وساعدهم في ذلك تيارات وجماعات عملوا على توظيف الخطاب الديني لبث سموم العداء والطائفية والمذهبية بين المسلمين في كثير من الدول العربية والإسلامية.

ولم يكن المناداة بتغيير وتجديد نمط الخطاب وليدة جديده إنما هو مطلب نادت به أصوات منذ عشرات السنين والذي لازال موضع جدل ساخن بين المفكرين وعلماء الدين في ظل التحديات المعاصرة ومقتضيات العصر من خلال تقييم وتقويم منظومة الأفكار والمفاهيم وأساليب التفكير الذي يقوم عليه الخطاب الديني وما يترتب عليه من مواقف تجاه قضايا محدده ومصيرية للشعوب لما يمثله الخطاب الديني كواحد من أهم عوامل السلم الاجتماعي.

ولما كان الخطاب الديني ذات أهمية كبرى على المنبر الحسيني وله الدور الأكبر في تغيير تحديات كبيرة على مستوى المؤمنين، فالمنبر الحسيني بقي لسان الشريعة والمرجعية الدينية في كل عهد وزمان في سبيل إعلاء كلمة الحق والشريعة ونشر كل فضيلة.

ومع الطفرة التكنولوجية التي واكبت وسائل الاعلام والاتصالات في عصرنا الحالي إلا أن المنبر الحسيني وقف صامداً على قمة الخطاب الديني الشيعي ويعود كل ذلك الثبات الى الدور الأكبر الذي لعبه المنبر الحسيني في صياغة البنية النفسية للمجتمع الشيعي ذلك عبر نقل الحدث التاريخي الماضي بفكر واعي ومثلت الكربلاء القاعدة والقضية الكبرى له.

وتتركز قاعدة المنبر الحسيني على ثقافتين:

1- ثقافة المظلومية                

2- ثقافة الانتصار

وهما العنصرين الرئيسين لهذه القاعدة والتي جعلت كثير من الباحثين والمفكرين من داخل أبناء المذهب وخارجه يثيرون كثير من التساؤلات والخلافات في الصورة المنهجية المناسبة التي من المفترض أن تتبناها الخطابة المنبرية كي تواكب الاحداث والمتغيرات الاجتماعية والسياسية في البلاد العربية والإسلامية وتنشر ثقافة المنتسبين اليها وتنقل الصورة الحقيقية عنهم للعالم.

ولم يكن الخطاب الديني لدى الطائفة الشيعية عن منأى من التحديات سواء على المستوى العالمي والإسلامي أو حتى على المستوى الداخلي للطائفة الشيعية ومن هنا جاءت الأصوات لتجديد لغة الخطابة الحسينية عبر وقفات تاريخية متعددة بين أخذ وجذب إلا أن هذا التغيير لم يأتي بصورة منهجية صحيحه إلا في وسط القرن الماضي وقد تبنى هذه المنهجية عدة رواد وعلماء كأمثال الشيخ أحمد الوائلي رحمة الله عليه.

ولكل عصر لغة وأسلوب في الأداء وعلى المبلغ أن يعرف لغة عصره والأسلوب الأفضل للأداء في كل عصر ولا بد من تحديث الأسلوب وتحديد المناهج البيانية والتبليغيه والتجديد في وسائل الإيضاح والتجديد في الأطر التي تقدم بها ثوابت الشريعة والعقيدة والقيم الإسلامية .

جاء في الرواية عن أمير المؤمنين ع:

لا تقسروا أولادكم على آدابكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم 

إذا لابد من تحديث الخطاب الديني وأما المفاهيم والأفكار والثقافة الإسلامية فهي ثابته لا تتغير ولا تتبدل باختلاف العصور

 ( حلال محمد ص حلال الى يوم القيامة وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة)

فلا يلغى ولا يشكك في أحكام الله تعالى ما لا يقبله العصر الحديث فإنه من الخيانة لدين الله وأحكامه.

فنحن في عصر يستمع له القريب والبعيد والمثقف والواعي ونحن أمام تحديات كبرى تحدق بنا كمسلمين فالنار اذا اشتعلت لا تميز بين اليابس والاخضر ولا بين السيني والشيعي والمستفيد الأول والأخير هو العدو المتربص بنا الذي يسعى إلى هدم البيوت على مساكينها ومن هنا يجب أن نستوقف قليلا لنضع أيدينا على أمور تواجه هذا المنبر لكي يؤدي خادمة المعنى الحقيقي الذي تجسده أطروحته عبر وقفات أهمها فيما يخص دور المنبر.....

فلم يعد المنبر الحسيني ذلك المنبر الذي يتوسط مأتم تذكر فيه ذكر وفضائل أهل البيت ع ومأساة كربلاء بل تخطاه الى أبعد من ذلك ، وذلك عبر نشر الأفكار والتحديات التي تواجهها المجتمعات سواء على مستوى الطائفة  أو الأوطان والمجتمعات بل تهدد السلم الاجتماعي في كثير من الدول بعد نشر سموم الفرقة والنعرة الطائفية المذهبية هنا وهناك والتي يحاول الغرب اشتعالها في مجتمعاتنا  .

فمواقف الحسين ع طيلة حياته وأبان ثورته تؤكد انه كان ضد أي خدش للمبادئ والقيم، فالقيم والأخلاق التي تنادي بها ليست ذات معنى إن لم يجسد بواقع حقيقي وفعلي عبر سلوكيات وأفعال ننتهجها ونعمل بها، فالحق الذي كان عليه سيد الشهداء وأصحابه لم يقف حجر عثرة في تجسيد تلك المبادئ والقيم النبيلة في كل موقف من مواقفهم وهذه الملحمة الحسينية نبراس يستضاء بعطائها اللامحدود وبقوا متمسكين بها رغم قناعتهم أن ثمن بقائها دمائهم الطاهرة.

لابد من الاهتمام بالشباب والمراهقين وإصلاح هذا الجيل الصاعد ولابد من الإصغاء إليهم والتعرف على مشاكلهم ومسائلهم ومساعدتهم في حل مشاكلهم.

إن الثقافة التي رسمها الحسين ع يجب أن تكون عماد المنبر الحسيني والمنتسبين اليه فمبادئ الحسين ع يجب أن تبقى ولكي تبقى يجب على المنتسبين لهذا المنبر المناداة بتلك الثقافة والقيم وحمل صوت الحسين ع لتسمعه لأجيال وأجيال حتى قيام الساعة.

المحور الثاني

تطوير أساليب تبليغ الخطاب المنبري الي الجمهور ضروره أم  ترف

يحتل الخطاب الديني في مجتمعاتنا الإسلامية موقعيه خطيره من التأثير لا يضاهيه فيها أي خطاب آخر فهو الذي يصوغ العقل ويوجه السلوك العام نظراً لارتباط مجتمعاتنا بالدين ولما يمثله هذا الخطاب في نظرها من بعيد عن أوامر الدين وأحكامه،  فإن هذا الخطاب في مجتمعاتنا امتداد لخطاب الله تعالى ورسوله ص وأهل بيته ع ولا شك أن هذا العمق يعطي الخطاب الديني قوة وتأثيراً ونفوذاً كبيراً لا تمتلكها سائر الخطابات في العالم عامة وفي مجتمعاتنا خاصة وعلينا أن نحافظ على هذه القيمة الدينية والتاريخية لخطابنا الديني.

فقد روي عن رسول الله ص: العلماء ورثة الأنبياء

ومعنى ذلك أن الخطاب الديني الذي يحمله العلماء والمبلغون إلى الناس هو في امتداد خطاب الأنبياء ع.

وتتم المحافظة على العمق الديني والتاريخي لهذا الخطاب بالمحافظة على قيم هذا الخطاب وأصوله ومساره وتطابقه مع القرآن وما صح من سنة نبيه ص وحديث أهل البيت ع.

وحين نجد ظاهرة خلل في السلوك العام لأبنائنا وحين تهتز صورة الأمة على شاشة الرأي العام العالمي فإن ذلك يدعونا إلى مراجعة خطابنا الديني فهو أما أن يكون مسؤولاً عن حصول هذا الواقع السيئ أو مهادناً له ومكرساً لوجوده.

علينا أن نفرق بين الخطاب الديني وبين النص الديني :

فالنص الديني :

هو كل ما يثبت وروده عن الله عز وجل وعن رسوله ص أي الكتاب والسنة وهذا النص الديني فوق المحاسبة فهو يحكي عن الله تعالى وعن وحيه الأمين وعن مصدر المعصوم ولا يمكن أن يتسرب لقلب المسلم ذرة شك في صدقه وقداسته.

أما الخطاب الديني :

هو ما يستنبطه ويفهمه الفقيه والعالم والمفكر من النص الديني أو من مصادر الاجتهاد والاستنباط المعتمد.

ويتمثل الخطاب الديني في فتاوي الفقهاء كتابات العلماء وأحاديث الخطباء وهنا لا قداسة ولا عصمة والمجتهد قد يصيب وقد يخطأ وبذلك فالخطاب الديني قابل للنقد والتقويم لأنه بسبب بشري ونتاج  بشري أما النص الديني فهو وحي الهي أو تعبير عنه.

فالخطاب الديني عمل عبادي لا بد أن يمارسه الانسان استجابة لأمر الله تعالى فالدعوة إلى الله تكليف إلهي منوط بكل انسان مسلم مؤمن.

 قال تعالى:

ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ  

فالإنسان المؤمن مسؤول أمام الله عما يحمل من علم ومعرفه دينية وهو مكلف في نقلها الى الآخرون ووصعها بين ايدي الناس ليستنير بها من لا يعلم ويتذكر بها من يعلم.

إن المعادلة التي تحكم حركة العالم اليوم في هذا الزمن ليست في قولنا نعمل أو لا نعمل فضرورة العمل أمر مفروغ منه وطبيعة الحياة تدفع الانسان على العمل في ظل الاعلام المنفتح والفضائيات واتساع حلبة التنافس بين الدول الكبرى اعلامياً وفكرياً وثقافياً من حيث التأثير والاستقطاب ونحن المسلمين نعيش في قلب هذه الحلبة بل اننا من المستهدفين الأوائل لهذا النشاط الإعلامي والثقافي والفكري الهادف فأبناؤنا وشبابنا هم الهدف الأساسي لهذه الحملات الثقافية الغازية وأصبح من الطبيعي أن يتلقى هذا الجيل من أبنائنا أفكار وانماط سلوكية من الفضائيات وغيرها من وسائل الاعلام كما يتلقى من الحسينيات والمساجد وهكذا نعيش حالة التنافس شئنا أم أبينا وهذه الحالة تفرض علينا جهوداً إضافية لرفع مستوى خطابنا وتطهير وتطوير الياتنا ووسائلنا لنكون رقماً مؤثراً في هذا الصراع الشامل الذي تمثل الثقافة والفكر أهم ساحاته وأي تقصير في هذا الجانب انما هي خطوة تراجعية تتيح لمنافسينا أن يتقدموا أو يتفقوا علينا من خلال الاستحواذ على أكبر عدد من أبنائنا وشبابنا وعلينا أن نكون بمستوى هذا التحدي فلم تعد القضية ترف أو انني ارتقي منبرا والقي خطاباً وانما صار نوع الخطاب وجودته وما ينطوي عليه من عناصر القوة والتأثير هو الامر الأهم في هذا النشاط وعلى هذا الأساس فنحن ملزمون بالتفكير وبذل الجهود المضاعفة على رفع  مستوى خطابنا واعلامنا بكل ألوانه وأشكاله.

إن تقدم العلم ويسر تداول المعلومات ليس مشكله ولا عامل تحد سلبي أمام الخطاب الإسلامي بل هو في الواقع مكسب عظيم للإنسانية وداعم لحقائق الدين المنسجمة مع الفطرة المتوافقة مع سنن الله تعالى في الطبيعة والحياة، فالجهل هو العائق الأكبر أمام اهتداء الناس للدين.

وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا

المحور الثالث

عن الامام الصادق ع:

لما قدم علي بن الحسين ع وقد قتل الامام الحسين ع استقبله إبراهيم بن طلحة بن عبدالله قال يا علي بن الحسين من غلب؟ فقال علي بن الحسين ع وهو يغطي رأسه وهو في المحمل إذا أردت أن تعلم من غلب ودخل وقت الصلاة فأذن وأقم تعرف الغالب.

 

هذا السؤال كان يردده المحبون للحسين ع بعد مصرعه ومن قبل مصرعه كان يشكون شكاً قوياً أن ينتصر الحسين ع على بني أميه في هذه المعركة التي يقدم عليها الحسين ع ولذلك كانوا ينصحونه بألا يخرج  إلى العراق ويحذرونه من أن يغدر به الناس كما غدروا بأبيه وأخيه من قبل ويرى بعضهم أن بين أمية كانوا يوحون إلى هؤلاء بتحذير الامام من أن يخرج إلى العراق لئلا يدخلون في مواجهة مسلحه مع الحسين ع وليوفروا لهم الفرص الكافية للتخلص منه غيلة وغدرا

لقد كان هؤلاء يتصورون الفتح والنصر والغلبة فقط من منظور عسكري فلا يشكون أن الحسين ع يخسر هذه المعركة فكانوا ينصحون الحسين بعدم الخروج وكان الحسين ع ينظر إلى (الفتح) و(النصرة) و(الغلبة) من منظور حضاري تاريخي فلا يشك أن الله تعالى سوف ينصره في هذه المعركة ويفتح له ويحقق له الغلبة على بني أميه وتنتهي المعركة لصالحه وخسارة معسكر بني أميه.

لما خطب الامام ع في مسيره الى كربلاء فقال:

ألا ترون الحق لا يعمل به وأن الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً فإني لا أرى الموت إلا سعادة ولا الحياة مع الظالمين إلا برما

كانت لصرخات الحسين ع وهتافاته في الحجاز والعراق ومصرعه في العراق الأثر الأكبر في الغاء ثقافة الرضوخ والهروب الأموية ومن يطلع على الثقافة الفقهية والحركة في تاريخ الإسلام بعد موقعة الطف يعرف جيدا أن الحسين ع تمكن من الغاء هذه الثقافة فقد انهى الحسين ع هذه الاطروحة الفقهية الاموية والغاها بمصرعه وبدماء أهل البيت ع واصحابه، هذه النقطة نتيجة سياسية لثورة الحسين ع وكلمات الامام ع من المدينة إلى كربلاء إلى ساحة الطف يوم عاشوراء تؤكد أن الامام ع كان يطلب هذه الغاية ويعمل لإلغاء الشرعية السياسية لبني أمية في خلافة رسول الله ص وكان الامام يشعر أن خطر بني أميه على الإسلام أكبر من خطرهم على المسلمين إذا كان الناس يعتقدون أنهم يمثلون الموقع الشرعي السياسي لخلافة رسول الله ص وحينئذ فمهما يمارس بنو أمية من افساد  واخلال يتم باسم الله وبذلك يفقد الإسلام استقامة الوحي ونقاوته بل يستعيد بنو أميه موقعهم التي كانوا يتمتعون بها في الجاهلية في ظل الإسلام.

ان خطاب الامام ع لا يمكن أن يكون مرحلياً يمثل مرحلة تاريخية ينتهي بنهايتها ويبقى محفوظا في متون الكتب مثل أي خطاب من خطابات القادة.

انما المراد منه أن يكون منهجا لكل ثورة حق ضد الباطل وكل صرخة في وجه ظالم ويكون الحسين ع مدرسة تتعلم منها الأجيال كيف ينتصر الدم على السيف أريد لهذا الخطاب أن يتعلم منه المسلمون وغيرهم أن النصر ليس دائما بالمعنى المادي وها هو الحسين شامخ منذ أربعة عشر قرنا وسيبقى ولا وجود لأعدائه ومن قتله.

الخطاب الحسيني في معركة الطف لم تكن على وتيره واحده في تراكيبه ودلالاته انما اتخذ منحنى تصاعديا في طبيعة الأسلوب وحشد الدلالات التي تنسجم مع طبيعة الموقف وبحسب ما يقتضيه المقام الذي يقال فيه الخطاب ذلك أن خطاب الامام لا يمكن ان يكون مرحليا يمثل مرحله تاريخيه ينتهي بنهايتها انما المراد منه أن يكون منهجا لكل ثوره حق ضد باطل وكل صرخه في وجه ظالم ومن هنا يكتسي خطاب الامام ديمومته ليكون مدرسة تتعلم منها الأجيال كيف ينتصر الدم على السيف.

تعلمت منه الأجيال انما النصر في ثبات العقيدة ورسوخ مبدأ وخلود القضية، لقد جسد الامام في هذه المرحلة من خطابة قوة العزم والتصميم والإرادة والثبات على المبادئ والدفاع عنها مهما كان الثمن غالياً.

ونهضة الحسين ع كانت كلمة وشجرة طيبه ولاتزال ثمراتها المباركة تمثل طعاما هنيئا للامة الإسلامية وما المنبر الحسيني سوى مائدة هذه الثمرات المباركة وأما خطباء المنبر الحسيني فهم فروع هذه الشجرة المباركة ومجالس العزاء مدارس هذه الكلمات المباركة، ان على خطباء المنبر الحسيني أن يعرفوا قدر موقعهم المتميز، وان أي تقصير يصدر منهم سيكون ذا عواقب و

خيمه وخطيره وما زال المنبر الحسيني هو أفضل وأصفى وأطهر وسيله لبث هذه الثقافة.

والحمدلله رب العالمين