بسم الله الرحمن الرحيم

منقذ البشرية عج .. قراءة في تاريخ الأديان

اعداد وتقديم
أ
. آسيا البلادي
 
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، محمد وآله الطيبين الطاهرين.

نتقدم بأسمى آيات التبريكات والتهاني إلى مقام النبي الأكرم وأهل بيته الطاهرين، ولكن أخواتي الفاضلات، بالذكرى المائة والثلاث والثمانون بعد الألف لميلاد القمر الزاهر، والنور الباهر، الدين المأثور، والكتاب المسطور، المنتهى إليه مواريث الأنبياء، والموجود لديه آثار الأوصياء، المؤتمن الولي، والإمام المهدي، الحجة بن الحسن عجل الله فرجه الشريف.

بداية: أتقدم بجزيل الشكر والتقدير لجميع القائمين على الملتقى الشعباني الرابع لدعوتهم الكريمة للمشاركة في هذا المؤتمر.

رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.[1]

المحور الأول: فكرة المخلص


القضية الإصلاحية: هدف إنساني فطري اجتماعي، لا تنحصر على طائفة دون طائفة، أو ديانة دون ديانة.

وعندما نلقي نظرة عامة على المجتمع البشري منذ خلق آدم وإلى هذه الدقيقة ، نرى أن هناك صراع دائم بين الحق والباطل، بين الخير والشر، وغالبا ما يكون الباطل والشر هما المنتصران.

والفطرة السليمة والصحيحة تحث الإنسان للحصول والوصول إلى ساحة العدل والقسط، ولصوبة تحقيق هذا الأمر؛ وإن نجحت بعض المؤسسات في إقامة العدالة القانونية على المستوى الظاهري، ولكن العدالة الشخصية لم تتحقق إلى الآن حتى في زمن أفضل الخلق محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

يقول الله تعالى: (فذكر إنما أنت مذكر (21) لست عليهم بمصيطر(22)[2]

فيبقى متعلقا بأمل وجود شخص ذو قدرات خارقة للعادة مؤيدا من السماء لتحقيق هذا الهدف العظيم.


ففكرة المخلص موجودة في جميع الأديان

فالمسيحيون يعتقدون برجوع المسيح عيسى ابن مريم، وأنه سيخرج في آخر الزمان.

واليهود يعتقدون برجوع موسى ليخلصهم مما هم فيه من المحن

والبوذييون يعتقدون بعودة آلهتهم التي سحرت وعلقت على قمة جبل.

والمسلمون يعتقدون في خروج مهدي آخر الزمان، ليخلص الناس من الظلم والجور.

والشيعة الإمامية، يعتقدون بظهور الإمام المغيب الحجة بن الحسن عليه السلام ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.

المحور الثاني: لماذا الغيبة العلة والبراهين


بسبب اعتقاد الشيعة بأن المخلص مولود وموجود، وهو حي يرزق، أشكلت الفرق الإسلامية عليهم بعض الإشكالات، ومن ضمنها:

لماذا الإمام مغيب؟، بينما يمكن لله أن يجعله ظاهراً ويؤدي الدور المنوط والملقى على عاتقه؟.

والرد على هذا الإشكال من عدة جوانب:

بداية:

العلة الغائية الحقيقية لا يمكننا معرفتها، فالغيبة سر إلهي، ملكوتي، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي قال : سمعت الصادق جعفر بن محمد (ع) يقول :

إن لصاحب الامر غيبه لابد منها يرتاب فيها كل مبطل.

فقلت: ولم جعلت فداك ؟

قال : لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم ؟

قلت : فما وجه الحكمة في غيبته ؟

قال : وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره ، إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلا بعد ظهوره لكم كما لا ينكشف وجه الحكمة فيما أتاه الخضر (ع) من خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجدار لموسى (ع) إلى وقت افتراقهما .


يا ابن الفضل : إنّ هذا الأمر أمر من أمر الله تعالى وسر من سرالله ، وغيب من غيب الله ، ومتى علمنا أنه عزوجل حكيم صدّقنا بأن أفعاله كلها حكمة وإن كان وجهها غير منكشف.[3]
وكذلك القائم عليه السلام لم يظهر أبدا حتى تخرج ودائع الله عزوجل فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء الله عزوجل فقتلهم[8]


ولكن هناك علل نستفيدها من أهل البيت عليهم السلام، تبين الحكمة من الغيبة ومنها:

1/ هذه المهمة مهمة جسيمة وخطيرة، وهو الوحيد على وجه الكرة الأرضية الذي سيقوم بها، فلكي يحقق العدالة بأنواعها، في كل نقطة على وجه الأرض، ولكي يقيم الحجة على كافة الخلق، لابد يبقى متواجداً على مرر العصور، فيشاهد عن قرب وعن كثب كل الحضارات، وكل الدول ويخالط جميع التوجهات، يخالطهم، ويداخلهم، ويعايش الاختلاف والتنوع الذي تعيشه هذه الأمم، ويتغلقل لأوساطهم، وينشر الدين الحق، بطريقة يذعن له الجميع، ويحقق العدالة القانونية، والشخصية بأعلى مستوياتها.

2/ الإمام محور الوجود، ولولا الحجة لساخت الأرض بمن عليها، ومهمته الكبرى هي حفظ الدين من الانحراف والاندثار، وهو يؤديها وإن كان غائبا، ولو قلنا بأنه لم يولد، فلو لم يكن الإمام موجوداً، لضاع الدين ولم يبقى أي أثر لشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله، ولو خرج الإمام لقتل وكلنا الآن نعيش هذا الواقع المرير، ونرى المقدار الهائل من الدماء البريئة التي تسال على الأرض على يد فئات ضالة من داعش ومن يحذوا حذوها، من يقتل طفلا بأبشع طريقة، ومن ينتهك العرض، ومن يقتل الآمنين في بيت من بيوت الله عز وجل، كما حدث قبل ما يقارب السنتين في جامع الإمام الصادق في الكويت العزيزة، رحم الله الشهداء وجعلنا ممن ينالون شفاعتهم بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين.

من يقدم على هذه الأعمال الإجرامية؛ هل سيتوانى لحظة عن قتل الإمام المهدي إذا خرج، خصوصا أنه من أهل البيت الذين تجرعوا مرارة والاضطهاد والقتل والسم وذاقوا لوعة الملاحقة والتقصي، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر الباقر(عليه السلام) يقول: " إن للغلام غيبة قبل أن يقوم، وهو المطلوب تراثه، قلت: ولم ذلك؟ قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - يعني القتل ".[4]فلابد أن يغيب الإمام ليبقى محافظا على حياته ووجوده، الذي هو سر بقاء هذا الدين ، وسر استقرار هذا الكون بأسره.

3/ حتى لا تكون في عنقه بيعة لأي حاكم ظالم، ورد من ناحيته المقدسة توقيعا موجهاً إلى إسحاق بن يعقوب قال فيه ( عليه السلام ) : وأما علة ما وقع من الغيبة فأن الله عز وجل يقول ) يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)[5] إنه لم يكن أحد من آبائي إلا وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه وإني أخرج حين اخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي...)[6]

4/ لإثبات عجز من سعى للإصلاح الكامل، مما يبطل جميع الديانات وأن المنهج الصحيح والوحيد هو منهج محمد وآل محمد.عن الإمام الباقر عليه السلام قال: "دولتنا آخر الدول، ولن يبقَ أهل بيت لهم دولة إلا ملكوا قبلنا، لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء، وهو قول الله تعالى: والعاقبة للمتقين"[7].(سورة الأعراف:128).

5/ حتى لا يبقى مؤمن في صلب كافر، فلا تضيع ودائع الله، أي المؤمنين الذين في أصلاب الكافرين، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : ما بال أمير المؤمنين عليه السلام لم يقاتل مخالفيه في الاول ؟
قال : لآية في كتاب الله تعالى : « لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما » ،
قال : قلت : وما يعني بتزايلهم ؟ قال : ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين .

6/ قبائح أعمال العباد، عقابا لهم على أفعالهم،
ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام، "واعلموا أن الأرض لا تخلوا من حجة لله عز وجل، ولكن الله سيعمي خلقه عنها بظلمهم وجورهم، وإسرافهم على أنفسهم"[9]

المحور الثالث: شرائط الظهور


فإذا سيبقى الإمام المهدي مغيبا إلا أن تتوفر الظروف الملائمة لخروجه المبارك ليؤدي مهمته التغييرية في الكون، ويمارس دوره الإصلاح

الإصلاح لا يتحقق إلا بوجود أمرين

1/ المصلِح
2/ المصلَح.

فإذا تحققت جميع العناصر في المهدي، فلا بد من تحقق شروط في الفرد الذي سيصلحه الإمام ليقوم بعملية الإصلاح

س/ لماذا لا يخرج الإمام الآن

ج/ من أهم الأسباب هو: عدم وجود أرضة مناسبة لتلقي العملية الإصلاحية من البشر.

إذا نحن الشيعة لم نستعد للظهور المبارك، ولم نستعد لأن نكون من أعوان الإمام فهل ننتظر الغير أن يقوم بهذا الدور.

وبالفعل فاليهود واحتلالهم فلسطين خير شاهد لاستعدادهم لاستقبال مخلصهم الموعود الذي سيخرج في فلسطين.
وهنا نطرح تساؤل:

هل نقرأ الاستعداد من كثرة المساجد؟

أم نقرؤه من كثرة الجمعيات الخيرية ؟

أم من كثرة المجالس الحسينية والمواكب؟

الاستعداد نقرؤه من جانب آخر، وهو الترقب الحقيقي العملي الواقعي، فيكون جزء من حياتي اليومية
أنا أدعوا وأقول: اللهم اجعلني من أنصاره وأعوانه..

إذا هناك دولة وهناك قادة وهناك أعوان وهناك جهاز دفاع.وهناك أنصار

هذه المراتب، إذا تقدمت للإمام بطلب الانضمام لوظيفة معين أو معاون في دولة الإمام،

لا بد أن أقدم سيرتي الذاتية

هل الإمام سيطلب مؤهلي الأكاديمي:

أم أنه سيطلب مؤهلي العقائدي، ومؤهلي العبادي، ومؤهلي الأخلاقي.

هل هذه المؤهلات لو قدمتها على وضعي الآن سيختم الإمام عليها بختم القبول أم لا؟



والسؤال الأهم:

وهل سأتقبل الوضع الجديد الذي سيقيمه الإمام أم لا؟

هذا اللسان المتعود على لفظ البذي من الكلام، هل يضمن أنه لن يتلفظ على إمامه بلفظ بذيء؟.

إذا المنتظر من الأن وفي حياته اليومية يصون لسانه ولا يعوده على اللفظ البذيء حتى تكون سيرته ناصعة وهكذا في باقي جوانب حياة الإنسان المختلفة.



ولا نكون كتلك الجماعة الذين قال لهم إمام المسجد لا تقولوا اللهم عجل لوليك الفرج فأنتم غير مستعدين..الخ القصة.

سؤال أختم به بحثي: وأبدأ بنفسي فأسألها؛ كلنا عندنا هدف العمل لتعجيل الفرج؟، وسؤالي ما هو رقم هذا الهدف في حياتي


اترك الجواب لكم

هذا وصلى الله على سيدنا وحبيبنا محمد وآله الطيبين الطاهرين

المصادر


1/ القرآن الكريم

2/ كمال الدين. للشيخ الطوسي.

3/ المهدي المنتظر بين التصور والتصديق.الشيخ محمد حسن آل ياسين

4/ الغيبة والتغييب. عباس بن نخَي.

5/ شذرات مهدوية. الشيخ حسين الأسدي.

6/ آفاق مهدوية. السيد منير الخباز.





[1] ) سورة طه من 25 الى 28
[2] ) سورة الغاشية
[3] ) كمال الدين: 481/باب 45/ح11
[4] ) الغيبة للنعماني/182/باب 10/فصل 4/ح20
[5] ) سورة المائدة 101
[6] ) كمال الدين، 485/باب 45/ح4
[7] ) الغيبة للطوسي، 472/ح493؟
[8] )كمال الدين ص: 641/باب 54.
[9] ) الغيبة للنعماني 144/باب 10/ح2