بسم الله الرحمن الرحيم

الوحدة الإسلامية ضرورة أم هدف مرحلي

اعداد وتقديم

أ. ليلى عبدالهادي المحميد

المحاور :

- ماهية الاتحاد بين المسلمين وتحديد مفهومه.
- الوحدة الإسلامية ضرورة أم هدف مرحلي.
- مسؤولية المتصدين للشأن العام في رص الصف.
- أهمية الوحدة في التوطئة للظهور المقدس.

مفهوم الاتحاد بين المسلمين :

الكثير من التساؤلات تتردد في أذهان من يحمل همّ شعار الوحدة بين المسلمين، وهذه التساؤلات تدور حول ماهية الاتحاد وتحديد مفهومه:

• هل الاتحاد المطروح للبحث على مستوى العقائد؟ وأي العقائد يجب الاتحاد فيها؟
• هل المطلوب أن تكون الأمة فقهيا على مذهب واحد؟ وأي مذهب فقهي هذا؟
• هل تعني الوحدة وحدة الناس ثقافيا وفكريا ليكون موقفهم من موضوعات الحياة المختلفة واحدا؟
• هل معنى ذلك إلغاء التنوع في التفكير وحذف الاتجاهات والإبداعات الثقافية؟
• ماذا عن اختلاف المكان والزمان واللغات والعادات؟
• ماذا عن التنوع بين الإنسان وتلون أنماط التفكير واختلاف الأذواق؟
• ماذا عن قدرة الإبداع وفطرة التجدد المغروسة في التاريخ البشري وأين محلها في مسيرة الوحدة؟
• هل يمكن أن نكون أمة واحدة مع كل تلك الفوارق؟
• ماذا عن وحدة الحركة الإسلامية ونحن نشهد عدد هائل من التنظيمات والهيئات في الساحات الإسلامية، والتي توزعت منها على أساس البلاد الأصلية فهناك هيئة هندية وأخرى باكستانية وأخرى مغربية وأخرى مصرية وهكذا، هل هذا يخدش مفهوم الوحدة؟
• هل يمكن للوحدة ألا تلغي الخصوصيات ولا تتعارض مع الواقعيات ولا تتقاطع مع الميول و الاتجاهات؟
هذه الأسئلة وهناك العديد منها تطرح نفسها كلما حاولنا أن نستثمر عنوان الوحدة وأن نعيش واقع الحياة المعقد ونسعى للجمع بين النظرية والتطبيق.

إننا بحاجة ابتداءً لتحديد مفهوم الوحدة لتتضح أبعاده وآفاقه في المستويات المختلفة؛ أفرادا وجماعات.

إن التنوع والاختلاف طبيعة في هذا العالم، وعلى تنوعه نجده مؤتلف ومتناسق في مادياته ومعنوياته تحكمه قوانين طبيعية واحدة وسنن إلهية رتيبة، فهو لطف إلهي له غاياته الكبرى في الخلق.
وإن مشروع الوحدة قائم من أربعة عشر قرن من التاريخ الإسلام ولا يزال حلما لم تصل إليه الحالة الإسلامية.
وإذا دققنا على تجارب المسلمين في الوحدة فإننا سنجدها مبنية على نظرية أن نتحد يعني أن نتطابق وهذا يعني أن نلغي الاتجاهات ونثبت عقيدة ومنهجا واحدا ونلغي بقية الأفكار، لتكون قيمة كل إنسان متوقفة على سيره والتزامه بهذا المنهج. كما أن الخروج عنه يعتبر تمردا على القوانين. ونجد أن هذا التصور قد أثبت فشله تاريخيا، فقد سادت أنظمة مختلفة في العالم كانت تقوم على أساس البسط والسلطة المطلقة، إلا أنها غابت وتهشمت وحدتها أمام التنوع البشري وقانون الاستبدال والتغيير الذي سنه المولى سبحانه.

إن التطابق الوحدوي المزعوم لا يمكن أن نجده في الأسرة الواحدة بل حتى بين شقيقين توأمين من أب واحد وأم واحدة في بيت واحد. فلا يمكن أن تكون ميولهما واتجاهاتهما ورغباتهما ونوازعهما وطاقاتهما متطابقة. فكيف نريد ذلك لأمة وشعوب مختلفة نشوء وارتقاء.

إن التصور الحديث للوحدة والتي خلصت إليه تجارب الإنسانية يقوم على أساس أن المجتمع كلما تقدم وكان قويا كلما كان أكثر استيعابا وانفتاحا للآراء المختلفة وأكثر انفتاحا على الاجتهادات وكلما كان أقدر على التعايش والتآلف مع الأنماط المختلفة. فهو مفتوح على المستقبل ومنفتح على الآخر ويحمل في أفكاره وبرامجه وخططه العملية القدرة على الاستيعاب الإيجابي الذي لا يلغي الآخرين بل يتقبل وجودهم ويحترم اختلافهم ويفهم تنوعهم الاعتيادي. وفي هذا النوع من الوحدة توجد قواسم مشتركة وأهداف موحدة والتقاء في القضايا المصيرية وتوافق على مواقف أساسية، إلى جانب أنه يترك مساحات واسعة للحركة وإعطاء مجالات كبيرة للتميز وإغفال النظر عن الخصوصيات الذاتية والمسائل الخاصة وخلق أجواء فعالة للإبداع والتجديد. وهذا ما نادى به القرآن الكريم: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم". الحجرات /١٣.

فهذا التنوع ضرورة لتحقيق التعاون وتطوير الحياة. والإسلام منذ انبعاثه شهد تعدد الثقافات على أرضه المترامية الأطراف وحاور كل من التراث الديني المسيحي واليهودي ونزلت الآيات القرآنية تحاور أهل الكتاب وشكلت جزءا كبيرا من السور. وكانت حركة الإسلام دعوة إلى توحيد الله والعبودية لله وحده هي أساس قاعدة التوحيد بين البشر. فالعبادة لله وحده وألا يكون الإنسان ربا للإنسان لا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، فنعيش سواء على أساس وحدة الله.
الوحدة الإسلامية ضرورة أم هدف مرحلي.
سؤال جوهري يطرح في هذا المجال:
هل الوحدة الإسلامية ضرورة ؟ أم هدف مرحلي؟
القرآن يجيب بوضوح في أكثر من موضع:
- " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " (ال عمران /١٣)
- " وأطيعوا الله والرسول ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين "(الأنفال/ ٤٦)
- "إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء" (الأنعام /١٥٩)

الاختلاف أمر واقع و الوحدة أصل و معيار علمي و عملي نتعامل به مع المسائل الخلافية حتى في العقائد والفقه، بأخذ الدليل و الحجة وأخذ أصل الوحدة أيضا بالاعتبار في طريقة التعامل مع الاختلاف بالرأي.

اذن الوحدة ضرورة بين المسلمين أكد عليها القرآن الكريم وأوصى بها سيد المرسلين محمد(ص) فقال: " يد الله على الجماعة و الشيطان مع من خالف الجماعة يركض " ميزان الحكمة ( ٢-٦٦) .
يد الله قوة ونور في حياة الناس.
فإن كانت يد الله مع الجماعة كانوا أقوياء ومستبصرين بنور الله، لا يضيعون ولا يتيهون، يرعاهم ويهديهم ويغيثهم وينصرهم. والانشقاق عن الجماعة المؤمنة يقترن بمعية الشيطان فيكون التيه والضياع من نصيبه.
وقد أجاب الامام علي عن تفسير السنة والبدعة والجماعة والفرقة فقال:
" والسنة والله سنة محمد (ص) والبدعة ما فارقها والجماعة والله مجامعة أهل الحق وإن قلوا والفرقة مجامعة أهل الباطل وإن كثروا " بحار الأنوار ٢/٢٦٦.
روي الامام موسى بن جعفر (ع): عن رسول الله (ص):
" إن الله جعل الإسلام دينه وجعل كلمة الإخلاص حصنا له، فمن استقبل قبلتنا وشهد شهادتا وأحل ذبيحتنا فهو المسلم له مالنا وعليه ما علينا. "

التزام الإسلاميين بالوحدة ليس التزاما تفرضه الظروف الطارئة والمرحلة بل تفرضه القاعدة الإسلامية الواحدة.
فنحن نحتاج الي روح إسلامية علمية وحركية، مخلصة لله ورسوله وللمسلمين تصدى لتأصيل منهج الوحدة في الساحات والمواقف بذلك المفهوم العميق للوحدة والذي يعطي الأمة مفاتيح العزة والكرامة.

قال تعالى لكل مؤمن يستشعر المسئولية تجاه الرسالة " ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة " النحل/١٢٥.
الحكمة هي فكر هادئ، متزن وسلوك مستقيم واضح الخطى والهدف، وهي وعي ذاتي في داخل الانسان يجعل رؤيته للأشياء واضحة فنراه يختار التصرف السليم والرأي السديد.

الحكمة نتاج الرسالات لصنع الانسان المتوازن، ولا يكفينا تخرج الكثير من العلماء من مدارس الفكر والمعرفة، بل ما نحتاجه حقا ًهو تحول المعلومات التي استمدوها من الدراسة والتجربة الى حكمة واعية فيتحول العلماء الى حكماء يعرفون الواقع ويدرسون الأشخاص وظروفهم والزمن والأحداث حتى يديروا الحياة والمعرفة في الاتجاه الصحيح الذي يربط الناس بالله ويرتقي بهم
من واقع الجهل والتناحر والتخلف.

مما يعانيه المسلمين أن التعصب الطائفي حل محل الالتزام الديني، فالمسلم المتشدد تجاه الاخرين أصبح بنظر الاخرين أكثر ايمانا والتزاما من غير المهتم في دينه وعقيدته والمتسامح في مذهبه مع الاخرين.
هذا التعصب أدى الى إلغاء فكر الآخر باسم الدين مما عطل عملية التجديد وإعادة التقييم بفكر حكيم لكل ما هو بين أيدينا من واقع وهذا بدوره أثر على حركة الوحدة والتقارب بين فئات المسلمين، قد قال الإمام الصادق (ع) " من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربقة الايمان من عنقه ".

فالإسلام لا يضهد الفكر الآخر فهناك تيارات الحادية ضالة تعمل على انكار الكثير من المفاهيم الإسلامية و الإسلام يرفضها رفضا كاملا لكنه بذات الوقت لا يعتمد التعسف في مواجهتها لان الرؤية الإسلامية ترى إن الحوار هو الطريق الأفضل لتكوين القناعات، فنجد القرآن كتاب الحوار الذي يمثل الذهنية الإسلامية التي تنفتح على الاخرين كما عبر الله في كتابه " و إنا و إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين " سبأ /٢٤.
يريد الله أن نجادلهم بالتي هي أحسن وأن ندعو إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة وأن ندفع بالتي هي أحسن.
إننا لا بد أن ننفتح على كل التيارات لنقول لها " هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين " وادرسوا برهاننا لنلتقي على أساس الفكر والعلم للوصول إلى الحقيقة.

مسؤولية المتصدين للشأن العام في رص الصف:

إن الوحدة الإسلامية التي تمثل الموقف الواحد في نطاق القضايا العقائدية والشرعية والعملية التي يلتقي عليها المسلمون هي القاعدة الواحدة الصلبة التي يقفون عليها فينطلقون منها للقضايا المصيرية، التي تمثل التحدي الكبير لحاضرنا ومستقبلنا الإسلامي من ما يثيره الأعداء من خطط التمزيق والتفريق و التنازع و التقاتل من أجل اسقاط الإسلام كله من الداخل و تطويق حركته من الخارج.

و اذا كان هناك بعض الملاحظات في هذا الجانب أو ذاك فإن العلاج لذلك هو الانطلاق في خط الأسلوب الإسلامي :
اولا بإرجاع الأمر إلى الله و إلى الرسول بالكلمة الأحسن و الأسلوب الأحسن و الامتناع عن الأساليب السلبية المثيرة للأحقاد و العدوان التي لا تتناسب مع الأخوة الإيمانية التي عقدها الله بين المؤمنين في قوله تعالى: " إنما المؤمنون أخوة" الحجرات /١٠.
وفي النداء القرآني للإصلاح بين الإخوة على هذا الأساس " فأصلحوا بين أخويكم "
ثانيا القرآن يدعو إلى الهدوء العقلي في حال الاختلاف مع الآخر فلم يوجه النبي(ص) إلى عنصر الإثارة العاطفية والانفعال وهذا ما تعبر عنه الآية الكريمة " قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير بين يدي عذاب شديد" سبأ /٤٦.

فنجد أن القرآن يوجهننا أن ننفصل من الأجواد الحماسية والانفعالية الناتجة عن اختلاف طرح الأفكار وهذا ما يسميه علماء النفس بالعقل الجمعي فنجد الانسان في هذه الأجواء المنفعلة لا يستطيع عقله إن يفكر، ينفتح أو يتدبر على الحقائق من موقع هادئ.
لهذا دعانا الله في هذه الأجواء أن ننفرد ونختلي بالله ونسترشد الطريق الي الله في جو من الهدوء وهذه من أخلاقيات الوحدة التي يتحلى بهل المؤمن، وهي التحرر من الانفعال والغضب وتحكيم العقل. ويصف رسول الله المؤمن في حال اختلافه مع طرف ما بأنه يبقى تقي عادل فيقول فيه " لا يقبل الباطل من صديقه ولا يرد الحق على عدوه ".

من أجل إن تتسلح بأخلاقيات الوحدة:

1. اعلم أن الرأي شأن خاص و هو الاعتقاد الذي ينعقد القلب عليه و هو من أخص الخواص الذاتية للإنسان و مايدين به و لا يحق لأحد أن يتدخل في هذا الشأن بالقوة فالإكراه لا يجدي و لا يؤثر، فقد يخضع الانسان للقوة و لكن في قرارة نفسه داخليا يكون رافضا. والله ينفي إمكانية الاكراه بقوله تعالي" لا إكراه في الدين " البقرة ٢٥٦.
وقد أعطي الله الانسان في هذه الحياة ان يمارس حرية الرأي والمعتقد ولم يوجه أنبياءه لمصادرة هذه الحرية من الانسان فهم يعرضون رسالة الله بدون فرض " فذكر إنما آنت مذكر لست عليهم بمسيطر" الغاشية / ٢١-٢٢.
2. اجعل لنفسك ميزانا فعندما تعادي شخصا يخالفك الرأي، فهل تقبل أن يعاديك الآخرون على هذا الأساس. فمعتقداتك شأن خاص بك وعليك أن تعطي الآخرين هذا الحق.
3. احتمل الصواب والخطأ، فالبعض يبالغ بالتعصب لآرائهم ولا يعطون أي فرصة للطرف الآخر فهم دوما على حق و غيرهم على باطل في كل شيء. هذا يخالف تعاليم الإسلام الذي يربي أبنائه على الاستماع لمختلف الآراء ومحاكتها على أساس الدليل والمنطق لا التعصب والانفعال. في قوله تعالى" فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه " الزمر/ ١٧-١٨.
4. تفهم مواقف الآخرين عندما تختلف معهم قبل إن تتهمهم بالعناد و الجحود و تتخذ منهم موقفا عدائيا، عليك تفهم ظروفهم و خلفية مواقفهم، فلعل لديهم أدلة مقنعة أو لعلهم يجهلون الرأي الحق لقصور في مداركهم أو معلوماتهم أو يعيشون في بيئة تحجب عنهم الحقائق أو توجد شبهات تشوش على أفكارهم و أذهانهم.
لذا علينا دراسة موقف الطرف الآخر والدخول معه في حوار موضوعي ومساعدته للوصول للحقيقة بالحكمة والموعظة الحسنة، فوضوح الفكرة لدينا لا يعني أن الآخرين ينظرون إليها بنفس الوضوح. و يربينا القرآن الكريم على ذلك النهج الموضوعي في قول الله تعالى عن رفض البعض لرسالات الأنبياء:
- " ذلك بأنهم قوم لا يعلمون" التوبة /٦.
- " ذلك مبلغهم من العلم " النجم /٣٠
وفي موقف نبينا نبي الرحمة محمد (ص) الذي كان عنونا لخلق الوحدة حين كان يدعو قومه فيقول " اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون "
5. مسئولية الرأي على صاحبه، فإذا أصر إنسان على رأي خاطئ ورفض قبول الحق فهو من سيدفع ثمن خطئه وما على المهتدين للحق إلا ارشاده وهو من بعد ذلك له كامل الحرية والاختيار. فلا يوجد داع أن تدخل في معارك وعداء مع الآخرين لأنهم لم يقبلوا الرأي الذي تراه حقا، فمهمتك تنتهي عند حدود التبليغ ولا تتجاوز إلى ممارسة الضغط والوصاية. يقول تعالى" من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا" النساء /٨٠.
وقد روى الامام الصادق (ع): في تجنب الخصومة في الدين " فلا تخاصموا الناس لدينكم فإن المخاصمة ممرضة للقلب".
وقد قال الله لنبيه محمد (ص): " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين". القصص/٥٦.

6. العداوة تمنع التأثير. ان كنت متحمساً لنشر رسالتك وحريصا أن تصل لقلوب الناس فكن منفتحاً على الاخرين وتحل بسعة الصدر ورحابة الأفق ، ومارس أعلى درجات ضبط النفس وقابلهم باللطف والإحسان فتمتص بذلك استفزازاتهم وهذا يدفعهم إلى إعادة النظر في موقفهم تجاهك ويشجعهم على الانفتاح على أفكارك.
قال تعالى" ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم " فصلت ٣٤-٣٥.
7. لكل من يعتبرون أنفسهم حملة الحق عليهم أن يعيشوا الإخلاص للإسلام في حواراتهم لا أن يعيشوا الإخلاص لمواقفهم ومراكزهم وامتيازاتهم وأن تكون الغاية الحق وليس تسجيل نقاط على الطرف الآخر.
" كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم " فنحن بحاجة إلى عدالة الحوار وعلميته.
8. إن المساحة المشتركة بين المسلمين كلما اتسعت، اتسعت معها المسئوليات المشتركة مما يتبعه تعاون أكبر حتى لو تطلب الأمر تجميد بعض الخلافات لصالح ذلك لتفويت الفرصة على كل المحاولات المتطرفة التي تسعى للنيل من وحدة الصف وقوة الموقف وعزة الأمة المسلمة.

- إن إنسانية المسلم ومعاني الأخوة في نفسه لأخيه الانسان لهي من عمق التربية الدينية وان الدفاع عن حقوق الانسان لهي من أصل الفطرة التي فطرنا الله عليها.
و نجد في دعاء الإمام علي بن الحسين (ع) في الإستعاذة بالله من الخلاف و الفرقة ومن أخلاقياتها يقول "أَللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ هَيَجَـانِ الْحِرْصِ، وَسَوْرَةِ الغَضَبِ وَغَلَبَةِ الْحَسَدِ وضَعْفِ الصَّبْرِ وَقِلَّةِ الْقَنَاعَةِ وَشَكَاسَةِ الْخُلُقِ، وَإلْحَاحِ الشَّهْوَةِ ، وَمَلَكَةِ الْحَمِيَّةِ ، وَمُتَابَعَةِ الْهَوَى ، وَمُخَالَفَةِ الْهُدَى ، وَسِنَةِ الْغَفْلَةِ ، وَتَعَاطِي الْكُلْفَةِ .. "

أهمية الوحدة في التوطئة للظهور المقدس:

- ان هذه الوحدة بتلك المنهجية الرائعة تمهد للظهور المقدس للإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه.
إن الوحدة في خط التنوع يسهل للأمة ظروفها الثقافية في انتظار تكامل ظروفها النفسية والعاطفية للوصول للمزيد من التواصل والتلاقي ليتكون جيل الموطئين لمقدمه الشريف.

إن اللقاءات النوعية المتصدية لمشروع الوحدة وتجسيده على أرض الواقع والعمل به يدا بيد لترسيخ أخلاقيات الوحدة في ما بينهم ليرسم الصورة التي تقدم للعالم لغة مشتركة يفهم منها الانسان عالمية الإسلام و رسالته في نشر السلام و العدل.

إن ظهور الامام المهدي (عج) مرتبط بالسنن الإلهية الموضوعية والتي لا
تتحقق إلا بالعمل والحركة من قبل المؤمنين الوعيين لمسئوليتهم الرسالية.

وإن كل الآلام والتحديات القاسية التي تصيب الجسد الاسلامي تزيد من لحمة الصف والتناصر بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها والانفتاح الواسع على الواقع الإسلامي كله مما يمهد النفوس لدولة الحق والعدل.

ومهما طال غياب إمامنا عجل الله تعالى فرجه الشريف فما هي إلا صورة من صبر المحب لأمته المنتظر لهم حتى يقطفوا ثمار الحقيقة فيجمع عليه السلام أكبر عدد من المبحرين في سفينة النجاة التي يقودها الإمام بأمر الله وحكمته.

إن الفرقة الناجية هم مزيج من البشر بأصنافهم المختلفة يجمعهم الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.

هؤلاء هم عصارة مسيرة الأنبياء والمرسلين على طريق التوحيد وهم أعلام الوحدة في دولة المنتظر (ع).

اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظ وقائدًا و ناصرا ودليلاً وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا.