(بسم الله الرحمن الرحيم


والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا ونبينا ومحمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
أسعد الله أيامنا وأيامكم بمناسبة حلول ذكرى ميلاد منقذ البشرية والأمل الموعود الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا، سائلين الله عز وجل أن يعجل فرجه ويسهل مخرجه ويجعلنا من أنصاره وأعوانه ومقوّية سلطانه.

إن انطلاقة اتحاد الحسينيات النسوية في دولة الكويت لم تأت من فراغ، ولا تمثّل حالة ترفيّة لا تلامس الواقع، ولا هي بالحركة التي تتمحور حول ذاتها لتترفّع بها على الغير، أو تبزُّ بها أقرانَها، بل جاءت استجابةً لحاجة الساحة النسوية إلى التفعيل الأفضل للجهود الحسينية المنطلقة أساساً للخدمة من خلال هذا العنوان المبارك، لتتكامل من خلالها، وتعمل على التنسيق فيما بينها، وترتقي إلى حالةٍ من الوحدة والتوافق على (كلمة سواء، ورؤية مشتركة، ورسالة سامية، وأهداف متفق عليها) تقوم على يد نخبة من الأخوات القائمات على شئون المنبر الحسيني، وإن تعدَّدَت مِن حيث الجغرافيا مواقعُها، ومن حيث المسمّيات عناوينُها، ومن حيث التوجّهاتِ والرُّؤى خلفياتُها الثقافية والمرجعية.
وإذا كانت أهداف هذا الاتحاد تتلخّص في (تكريس الخط المحمدي الأصيل، والعمل وفق رؤية مشتركة لتحقيق نتائج واقعية ملموسة بناءة ترقى للوفاء بتضحيات سيد الشهداء عليه السلام)، فإن هذه الأهداف تحتاج إلى أدوات بنّاءة، وآليّات سليمة، وقبل ذلك إلى نوايا مخلصة وصادقة كي تتحوّل إلى واقع عملي ناجح.
وبعد هذه وتلك، فإن مثل هذه الحركة المباركة نحو توحيد الصف وتنسيق الجهود وإذابة الفوارق، بحاجة ماسة إلى عملية نقد ذاتي مستمر، تتضح من خلالها:
1. نقاط الضعف التي تتطلّب منّا بذل الجهد لتقويتها.
2. وعواملَ التثبيط وإبطاء الحركة التي تحتاج إلى اقتلاع.
3. والنوازع الذاتية المعاكسة لأية جهود وحدوية أو تقريبية، والتي تستدعي جهاد النفس بروحية تتعالى على الذات والأنا والعناوين الضيّقة التي تُبقي على التمايزات وتخلق الحواجز المزيفة بين المؤمنات العاملات في الساحة الواحدة.
إن عملية النقد هذه لا يُراد لها أن تتحوّل إلى أداةٍ لتسقيط أحد، أو توهين شأن أحد، أو لإلقاء الملامة -في بعض المظاهر السلبية أو في مخالفة أهداف هذا الاتحاد- على هذا الاتجاه أو ذاك، بل ينبغي أن تكون عملاً نتقرب به إلى الله تعالى، ولن تتحقق هذه النية المخلصة لوجهه إلا بالابتعاد عن الشخصانية، وتجنّب توظيف الأدوات البنّاءة بحيث تصبح معاول هدم وتفكيك عُرى.
وهذا ما أكدَت عليه قائمة (أهداف) اتحاد الحسينيات النسوية في دولة الكويت حيث اعتبرت أن (بثّ روح التسامح، ونبذ كل العصبيات) تمثّل واحدةً من أولويّاتها. وإذا كان الاتحاد قد أطلق هذا الهدف ليمثّل رؤيته في مفردة من مفرداته الشاملة للمجتمع (على اختلاف المذاهب والتأكيد على الحوار بين  حركة فعلية على الأرض يستشعر بها أفراد المجتمع الذي ننطلق منه وإليه، ونُسهم من خلاله في تحقيق واحدة من الأصول القرآنية المهمة والحساسة إذ يقول تعالى: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ، وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [آل عمران:103-105

 

خادمة المنبر الحسيني

ختام الموسوي