بسم الله الرحمن الرحيم

دور المنابر في توجيه الشباب وأدبيات الخطاب المعاصر

اعداد وتقديم

أ. سلوى الحبيب



والحمد الله رب العالمين ، و الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى اهل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم إلى قيام يوم الدين.

قال الله تعالى في محكمه كتابه العزيز، بسم الله الرحمن الرحيم ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله و المؤمنون ) صدق الله العلي العظيم.

سالت عددا من الشباب المسلم ماذا تريدون ان يقدم لكم المنبر من مواضيع ومعلومات وتوجيهات حول الإمام المهدي عليه السلام والقضية المهدوية.

فأجابوا وقالوا نود ان يقدم لنا المنبر كل شيء حول هذه القضية.

إن موضوع الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف من المواضيع العميقة والواسعة والمتشعبة الجوانب والكثيرة الفروع الأمر الذي يتطلب من المتصدين للتبليغ والارشاد من أمثال أهل المنابر وغيرهم أن يزيدوا من مطالعاتهم واستقراءاتهم وابحاثهم في هذا الجانب الهام ، لكي يتسنى لهم توجيه الشباب للقضية المهدوية.

فإن المتمعن في روايات النبي الأكرم والأئمة الأطهار عليهم السلام التي تتحدث حول هذه القضية والبرامج العملية لها ، يجد أنها تُحمّل المؤمنين وكل من له دور ريادي في التوجيه مسؤولية توعية الشباب والأخذ بأيديهم للارتقاء بهم إلى درجة الشعور بمسؤولياتهم و واجباتهم اتجاه الامام عليه السلام وقضاياه المتعددة.

وأستطيع أن ألخص دور المنبر في توجيه الشباب لهذا الأمر بالنقاط التالية :-

أولا: حماية الشباب من التيارات المنحرفة والأفكار الضالة والأحزاب الباطلة التي تقوم بما في وسعها بدور التشكيك و اثارة الشبهات في العقيدة الاسلامية بصورة عامة وفي أمر الامام المهدي عليه السلام بصورة خاصة ، على سبيل المثال مثل التشكيك في غيبته وحياته الشريفة و مقدرة المصلح الموعود به على تغيير الحياة بأسرها، كما وأنها تقوم بتكريس اليأس عن جدوى أي عمل اجابي قبل وبعد ظهوره ما دام الله عز وجل قدر أن يملئ الأرض به عدلا وقسطا وايحاء الشباب بتجميد الطاقات وتعطيل الأدوار.

فدور المنبر هو إزاحة مثل هذه الشكوك من نفوس الشباب بالتصدي لهذه التيارات وكشف زيفها وفسادها.

وكما ورد في حديث الإمام الحسن العسكري عليه السلام ( إن الإمام محمد التقي عليه السلام قال : إن من تكفل بأيتام آل محمد صلى الله عليه و آله المنقطعين عن إمامهم المتحيرين في جهلهم ، الأسراء في أيدي شياطينهم ، وفي أيدي النواصب من أعدائنا ، فأستنقذهم منهم و أخرجهم من حيرتهم وقهر الشياطين برد وساوسهم وقهر الناصبين بحجج ربهم ودليل أئمتهم ليفضلون عند الله بأفضل المواقع ).

ثانيا : دور المنبر في الاجابة على الكثير من التساؤلات لدى الشباب عن موعد ظهوره هل في وقت قريب أم انه لا يظهر إلا بعد فترة طويلة من الآن ، وما هي علامات ظهوره وما فائدة وجوده في زمن الغيبة.

وهل يسوق التمرد على فكرة الإمام المهدي عليه السلام او اهمالها الى منعطفات دينية أو اجتماعية أو فردية وغيرها من التساؤلات التي يجب الإجابة عليها و مناقشتها بما يوافق العقل والمنطق وبأدلة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.

ثالثا: معظم الشباب يرون أن هناك حالة من التباعد والهجران بينهم وبين امامهم.

فلا يشعرون بوجوده الشريف بل و لا يدركون أهمية وجوده في حياتهم وإن كان غائبا عن أبصارهم بل وأكثرهم غافلون عن ذكر اسمه.

فيكون دور المنبر وبعد ازاحة الشكوك والرد على كافة الاشكالات والتساؤلات لدى الشباب ، بتعريفهم بمقامات الإمام وتقوية عقائدهم فيما اختصه الباري عز و جل لرسله وانبيائه واوصيائهم من الفضائل و الكرامات والهبات العظيمة ، ومنها الولاية التكوينية و التشريعية للأئمة الأطهار عليهم السلام ، فكلما قويت هذه العقيدة وثبتت في أذهانهم ونفوسهم كان القرب أكثر لإمام زمانهم وقصرت المسافة بينهما فيجدون علاقتهم ومحبتهم لإمام العصر نبراساً ونهجا ً لحياتهم ، ومن ثم يسعون جاهدين لإيجاد السنخية بين طبيعتهم الأخلاقية وسلوكهم اليومي وبين رغبة الإمام ورضاه.

فيرتقوا بذلك إلى مستوى مشايعته حق المشايعة ويكونوا من المنتظرين الحقيقيين لفرجه الشريف، ولا يتحقق ذلك إلا بترسيخ المفاهيم والعقائد المرتبطة بالإمام المهدي عليه السلام.

رابعا : دور المنبر في ايجاد العلاقة المتبادلة بين الشباب وبين الإمام عليه السلام وذلك عن طريق توجيههم نحو التعامل مع القضية المهدوية بروح المحبة والشوق والأمل وفق قاعدة العمل المتبادل ، ليستشعروا القرب الحقيقي بالمهدي عليه السلام.

فإذا دعوت للإمام سيشملك بدعائه ويرعاك ، واذا تصدقت باسمه سيحفظك ، واذا سلمت عليه سيجيب السلام ويذكرك، وإن عملت صالحا سيؤيدك ويسدد لك عملك ، وإن عملت خيرا سيبارك لك ويحيطك بعنايته ولطفه.

وهكذا يقوم المنبر ببناء علاقة إيمانية و عملية بين الشباب و الإمام المهدي عليه السلام.

وعلى المنبر أن يبدع في كيفية ايجاد هذه العلاقة بالاستعانة بالأدلة والأمثلة المقنعة وكذلك بالقصص الشيقة وتجارب العارفين والفقهاء مما يسهم في ترسيخ هذه العلاقة المتبادلة.

كما قال الإمام الهادي عليه السلام ( لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم من العلماء والداعين إليه والدالين عليه والذابين عنه عن دينه بحجج الله ، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك ابليس ومردته ومن فخاخ النواصب لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله، ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل ).



هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركته ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.