بسم الله الرّحمان الرّحيم

معنى ( يأتي بأمر جديد ) عج كما جاء في الروايات الشريفة

الاستاذة الباحثة / جمانه مطر


والصلاة والسّلام على أشر ف الخلق وأعز المرسلين سيدنا ونبينا محمّد وعلى آله الطيبين الطّاهرين ،
السّلا م علي ك يا حجة الله في أرضه ، السّلا م علي ك يا عي ن الله في خلقه ، السّلام على الحق الجديد ، والعالم الذي علمه لايبيد ، السّلا م على محيي المؤمنين ومبير الكافرين، السّلام على مهدي الأمم وجامع الكلم ،السّلام على خلف السّلف ، السّلام على حجًة المعبود وكلمة المحمود ، السّلام على معز الأولياءومذل الأعداء
الحضور الكريم ... إتحاد الحسينيات النّسائية في دولة الكويت الشّقيقة في الملتقى الشّعباني الثّقافي التّاسع تحت شعار : أين المؤمل لإحياء الكتاب وحدوده
السّلام عليكن جميعا ورحمة الله وبركاته
أتقدّم إليكم بأسمى آيات التّبريك بمولد منقذ البشرية ومحقق حلم الأنبياء ومقيم دولة العدل في مشارق الأرض ومغاربها عجل الله تعالى فرجه الشّريف وجعلنا وإياكم ممن يوطئون للمهدي سلطانه.
لطالما كان التّجدد والتّطور سمة العقل البشري المنفتح على جميع الأبعاد البشريّة بغية تصويبها وتحسينها وإصلاحها ماقد يكون انحر ف عن مساره الطّبيعي وطريقه الذي رسمته يد السّماء وخطّه قلم الوحي.
فالمجتمعات تتبدّل وتتغير والعادات والتّقاليد تتشّكل بحسب رؤى النّاس وإدراكاتهم ، ولكن الدّين واحد وثابت
شَرَعَ لَكُم منَ ال دِّينِّ مَا وَصَّى بِّهِّ نُوحًا وَالَّذِّي أَوْحَيْنَا إِّلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِّهِّ إِّبْ اَ رهِّيمَ وَمُوسَى
وَعِّيسَى أَنْ أَقِّيمُوا ال دِّينَ وَلََ تَتَفَرَّقُوا فِّيهِّ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِّكِّينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِّلَيْهِّ  يَجْتبِّي إِّلَيْهِّ مَن يَشَاء وَيَهْدِّي إِّلَيْهِّ مَن يُنِّيبُ }
لأن مصدره الإله الواحد المحيط علما وخبراً بكلّ ذرّات عالم الوجود ، وكيف لا وهو الصّانع ، والصّانع أعرف بمصنوعه " ألا يعلم من خلق وهو اللّطيف الخبير "
إلا أن الدين قد يتعرّض للتّشويه وللتحريف المتعّمّد وغير المتعمّد وهنا لابد للعقل من أن يدلو بدلوه فيهب مصوبا ومصححا ومجدداً ما بدّل وما امتحي منه .
وأبرز مصداق لمن يقوم بهذه المهمّة على أتمّ ها وأكملها هو الإمام الحجّة ابن الحسن الذي يكون قيامه
لإقامة الدّين المحمديّ الأصيل بعد اندرا س آثاره فهو المجدّد لما عطّل من الدين .
" ومجدداّ لما عطّل من أحكام كتابك ، ومشيد ا لما ورد من أعلا م دينك وسنن نبيك صلى الله عليه وعلى
آله "
" إذا قام القائم عليه السّلام دعا النّاس إلى الإسلام جديداً وهداهم إلى أمر قد دثر ، فضل عنه الجمهو ر ،
وإنّما سمّي القائم مهديا لأنه يهدي إلى أمر قد ضلوا عنه ، وسمي القائم لقيامه بالحق .
أهمية البحث عن الإمام المهدي ، هو أن كون هذا التّاريخ حق لمن حقوله وشعبة من شعبه ،
ففكرة المهدي قائمة على أن المهدي هو المصلح العام للعالم أجمع ، هو الذي سيقلب الأمور رأسا على
عقب ، هو الذي يحّول ظلام حياتنا إلى نور ، هو الذي يحقق الّعدالة لكل فرد على وجه الأرض .
من حقنا جميعا أن نتعرّ ف على هذا المصلح العظيم الذي سيأتي بشيء جديد بقضاء جديد كما دلّت
الرّوايات ، من حق النّاس علينا أن نشرح لهم ما هو الشيّ ء الجديد ، ما هو أسلوبه ونمط حياته وسياسته
، وطريقة قيادته للأمور ، مئات الأسئلة تنبثق من هذا الشيء الجديد ، كيف سيكو ن حاضراً بظلّ هذه
التّعقيدات ، الإجتماعية والسّياسية ، والجيو سياسية ، والإقتصادية ؟
هل سيكون هو المصلح بحقول هذا التنظيم المتعدّد ، أو سيتخذ العالم شكلا جديداً ؟ حديثنا في هذا
المؤتمر يعالج تساؤلات ، ولا بد أن يزا ل الغموض ، خاصة عندنا روايات تنقل حوادث مستقبلية بطريقة رمزية مثل إذا وضع رأسه على رؤوس الأنام فيجمع أحلا مها ، أو إذا هز رأسه أضاء له النو ر بين المشرق والمغرب من حق النّاس أن تعرف وتتعرّف ليس على الإمام المهدي فحسب بل على يوم الإصلاح العام ، الإصلا ح العالمي من شرقها إلى غر بها إصلا ح الكو ن فهو إمام الإنس والجنّ ، كيف سيصلح العالم الحديث المليء بالتيارا ت المختلفة والمتباينة ؟يعني علينا من خلا ل هذا المؤتمر أن نصل إلى النتائج النّهائية التي تتبناها الفكرة المهدوية ككل مع العلم أن القرآ ن الكريم يصف العدل الإسلامي ومافيه من خيرا ت على البشرية عند تطبيق أحكام الإسلام بأن هذه الأرض سيرثها عباد الله الصالحين .
ولقد قسمت البحث إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : ماهو الشي ء الجديد عند مجي ء الإمام ؟
القسم الثاني : ما هي قابليات التغيير لدى المجتمعات وتحدياتها ؟
القسم الثالث : ماهو أسلوبه في تربية المجتمعات وهل هناك ضمان لتطبيق الإمام للعدل الإلهيّ في العالم أجمع؟
ما هو الشي ء الجديد الذي نطقت به الرّوايا ت ؟
تضافرت الرّوايا ت ووضعت خارطة طريق وهو أن الإمام سيأتي بأمر جديد ، وسنة جديدة وسلطان جديد وقضاء جديد وليس دين ا جديداً كما هو على ألسنة الناس العاديين ،أخر ج النعماني بسنده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السّلام إلى أن قال :
"لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع النّاس على كتاب جديد على العرب شديد "
"أيضا ورد في الرّوايات أن القائم يقوم بأمر جديد ، وسنة جديدة ، وقضاء جديد على العرب شديد "
نلاحظ من خلال الرّوايات على كثرتها ونترك الحديث لأهل الإختصاص بهذا المجال ما يعنينا البحث عن الشيء الجديد :
إذا نظرنا إلى الأحكام الإسلامية في عصر الغيبه وهو العصر الذي يبعد مئات القرون عن مصدر التّشريع
الإسلاميّ لوجدا منئا ت المشاكل والنقائص والقصور نظريا وتطبيقا .
اولا :كثيرة هي الأحكام الإسلامية التي لم تعلن للنّا س ، ومؤجل إعلا نها إلى زمن ظهور المهدي
الموعود وتطبيق العدل الكامل ، وأوضح دليل أن ما كان يصدر في صدر الإسلا م متناسب مع المستوى
الفكريّ والثّقافي والوضع الإجتماعي والظرو ف السياسية في زمن النّص وفي زمن الأئمة .
فالضرورة تقتضي تأجيل هذه الأحكام حتى يتهيأ المجتمع لموضوعاتها وهذا يعلن عنه عند اتصال البشرية بهذا المصدر المتمثل بالمهدي الموعود .
ثانيا : كثيرة هي الأحكام التي أتلفت على مرّ السنين واندرست لعدة أسباب وأنتم تعرفونها وهي الكتب الإسلامية الضخمة التي أتلفت نتيجة الحروب والغزوات وإحرا ق المكتبات الإسلامية وإخفاء عدد منها كمثال تقريبي لتوضيح القصد .ممّا أوجب انقطاع الأمة الإسلامية عن عدد مهمّ من إرثها الثّقافيّ .
ثالثا : الفقهاء وجدوا أنفسهم بعيدين عن الحكم في كثير من المواضيع المستجدة ؛ فالأحكام تابعة للموضوعات مما جعل الفقهاء متمسكين بقواعد عامة ترفع الجهل عن الفرد و تعين له الوظيفة الشرعية فَالفقيه يحدد الموقف العملي اتجاه الحكم المشكوك بدلا من اكتشاف نفس الحكم بعني أصالة البراءة العقلية وأصالة الإحتياط العقلي وشبهة حكمية وشبهة موضوعية ولكن ليس هذا الحكم الواقعي .
الفرق بين الأحكام الواقعية والأحكام الظاهرية وتمسك الفقهاء بالقواعد الإسلامية العامة وهي قواعد
طبعا صحيحة يستعملها الفقيه عند الأحكا م الطارئة المستجدة ، وهذا أصبح بعد الإنقطاع عن عصر التّشريع لفراغ ذمة المكلّف في عصر الإحتجاب عن الحجة ، وهذا النّوع من الأحكام استوعب أكثر المسائل الفقهية ما عدا الأحكام الواضحة الثابتة في الإسلا م .
رابعا : عدم تطبيق الأحكام الإسلامية من قبل كثير من الأفرا د بل وعدم تطبيق حتى ضروريا ت الدين سواء كانت أحكاما شخصية أو أحكاما عامة .
القسم الثاني من البحث : ما هي قابليات التغيير عند الأفرا د والمجتمعات ؟
أولا : إ ن الزمن الطّويل بين الغيبتين كان عاملاً مساعد اً في رفع المستوى الفكري للأمة وكانت الغيبتان
فرصة أمام المجتمعا ت البشرية لاكتشاف نظام فكري جديد ، وهذا يحتاج إلى أن تحكم البشرية أيديولوجيات فكرية سيطرت على العالم ليتبين عجزها وقصورها وضلا لها وعدم تحقيقها للسّعادة المنشودة وبينت عجزها في إدارة نظام العالم ، وهذا مستوى ضروري للأمة لتكون قابلة للتّربية إلى مستوىً لائق .
ثانيا : صحيح أن الحكم الشّرعي الذي نعيشه قبل الظهور حكم ظاهري إلا أ ن إستنتا ج الحكم في زمن
الإمام يكون أعمق وأشمل وأدق . فالفقيه في دولة الإمام قادر على الإطلاع والفهم العميق لمختلف
التّيارات الفكرية ، وقادر على نقدها وبطلانها فضلا عن أن هذه التّيارات الفكرية يبطل مفعولها في زمن الإمام المعصوم
ثالثا : في دولة الإمام يصبح الفرد قادراً على حمل هموم النّاس كافة ، ومتجاوبا مع حوداث العالم كما ينبغي أن يكون جميع المسلمين كجسد واحد وهذا لا يكون إلا بظل إمام معصو م .
رابعا : في حكومة العدل الإلهي ، تفك رموز الطبيعة ، ويتعمّق الفهم الكوني من النّاحية العلمية في الطب
والفيزياء والكيمياء ويكشف النقاب على قضايا كونية ، تضرب كثير من النّظريات التي حكمت العالم لقرون عدة بعرض الحائط وتظهر حقائق يقينية والجدير بالذكر أن المجتمع المنتظر عندما يصل إلى المستوى المطلوب ،سوف يكون في إمكان المهديّ الموعود ترميم بعض النّقائص أو إكما لها وهذا طبعا لا يكو ن إلا إذا بلغت الأمة المستوى اللائق من الوعي والبصيرة والعمل الدؤوب .
بعد بلوغ الأمة هذا المستوى من الوعي ، فالامام المهدي هو الوريث الشّرعي لتلك الأرض ، والوريث الشّرعي لتلك الأحكام التي كانت غير معلنة لعدم قابليات النّاس ، يبدأ الإمام بأعلا ن ما خفي من أحكام ما كانت لتصل حتى يتهيأ المجتمع لفهم وتقبل تلك الأحكام المروية عن آبائه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ويبدّ أ سلام الله عليه عملية البناء العالميّ العادل ووراثة الأرض .
القس م الثالث : ما هو أسلو ب ه في تربي ة المجتمعا ت وملء الفراغا ت والفجوات :
هل سيملأ الفرا غ كما قال إبن عربي في الفتوحات عبر الوحي والإلهام والمعجزة . علماء الإمامية رفضوا هذا الأمر جملة وتفصيلاً ، لأ ن الوحي يتضمن معنى النبو ة ونقل الأحكام من الله بلا توسط بشر ،
ومحمد صلوا ت الله وسلا م ه عليه وعلى آ له خاتم الأنبيا ء من جهة ، ومن جهة أخرى الطريق الإعجازي
رفضه علماء الإمامية لعدم انحصار حكومة العدل به وإلا ثبتت مرتبة النبوة والرسالة وهذا منفي عنه بضرورة الدّين وما ثبت للإمام من إلهام هو خاص بالأساليب القيادية لا الأحكا م الأصلية في الدين فالإمام المهدي سيأتي حاملا شيئا جديداً عن آبائه عن جده عن الله . كثيرة هي الأحكا م كانت معلنة في الصّدر الأول أتلفت وبدلت والشّواهد على ماوصل إلينا كثير لا داعي لذكره ، والذي لم يصل إلينا و غيب في بعضه في زمن منع تدوين الحديث وبلغت الذروة ما بين استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام وبين استشهاد الإمام الحسين سلام الله عليهم فخيم التعتيم على أحاديث الرسول الأكرم ، والبعض الآخر بقي في صدور المعصومين سلام الله عليهم حتى يأتي يوم يتحقق الوعد الإلهي ويكون النّا س قد بلغوا مستوىً معينا من المسؤولية وبلغوا القدرة الدفاعية وهذا ما كان مفقود اً خلال كلّ الأجيال التي تعاقبت ،فالمهدي الموعود المقيم للعدل الإلهيّ كان معاصراً لتلك الأحكام وهو القادر على صيانتها وإعلانها من جديد والعمل بها .
" يظهر من الدين ما هو الدين عليه في نفسه ، ما لو كان رسو ل الله صلى الله عليه وعلى آله لحكم به
"يرتفع الحكم الظاهري و يطبق بالجزئيات ويقوم بنفسه بتطبيق الأطروحة العادلة الكاملة بمستواها العميق والجديد .
بعد رفع النقائص وتبيان الأحكام ،أحكام الحجاب والقصاص ، والإرث ، وأحكام الزواج والطّلا ق ، والعقود ما خفي منها ومابطن ، وبدء العمل بها وإقامته على رئاسة الدّولة وإدارة شؤون العباد والبلا د
ومحاسبة العصاة ؛ فكثيرةهي الأحكام التي استخدمها أناس لمصالحهم الشّخصية والفردية والعائلية ، أو
استخدموها لمصالح انتخابية ، سوف تشرق الأرض بنور ربها ، هذا وعد الله ، وعد الله حقا ومن أصدق
من الله قيلا .
في هذا اليو م لا مساحة للمصالح الشخصية والضيقة ، في هذا اليوم ستطبق الأحكام في ظلّ الولاية
والتي لطالما انتظرناها ، في هذا اليوم القريب ، ستكون الخلافة للصالحين ، " وعد الله الذين آمنوا
منكم وعملوا الصّالحات ليستخلفن هم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون " هناك لفتة في غاية الأهمية في هذه الآية تجيب عن السؤال المحوريّ والمركزيّ في هذا المؤتمر ماهو الشيء الجديد :
الأولى : خلافة الأرض للصالحين والصفوة وأشارت الرّوايات إلى أنهم النجباء والفقهاء والحكام والقضاة هم أصحاب الألوية وهم حكام الله في أرضه كما أيضا أشارت الرّوايات .والمستضعفون في الأرض .
الثانية : "ليمكنن لهم دينّهم الذي ارتضى لهم " نسب الله الدين لهم ، للمتدينين كما أشار الشيخ جوادي أملي ، لاتحادهم مع نور الله . ورد عن الإمام الصّادق بما مفاده : أ ن لوطا قا ل لقومه لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد " فما كان كلام لوط إلا تيمنا بقو  القائم المهديّ وشدة أصحابه ، فهم الركن الشديد

الثالثة : يعبدونني لا يشركون بي شيئا " أعمالهم لوجه الله خالصة طيبة ، لا يوجد فيها ذرة شرك ،
ليس فقط الصلاة والصيام والعبادات فحسب بل كل حكم تعبديّ وتوصلي لا يوجد فيه إلا الإخلا ص واليقين
والولاية ولا ننسى مرحلة التّمحيص والتي أهلتهم لتولي هذه المهمة وهذا المنصب العالمي .وعندما تقول الرّوايات أن المهدي يمسح على رؤوسه م وبطونهم فلا يشكل عليهم مسألة أوقضاءً ، والمرأة تحكم من بيتها وما هناك من الروايات الدّالة على هذا الأمر ، يعني أن هناك نوعا من التردد في الحكم والقضاء والإرتياب والخوف من بعض المسائل في زمن الإمام . ترتفع المعنويات وتزا ل الشبها ت وتفتح القابليات ولا تبقى دولة في العالم إلا الدولة العالمية ، وستشرق الأرض بنور ربها ، وسيصدح بالعالم أشهد أن لا إله إلاالله وأ ن محمد اً رسو ل الله وأن علي ا ولي الله ، وله أسلم من في السموا ت والأرض طوع ا وكره ا وإليه يرجعون .
هذا هو الشي ء الجديد والسّلطان الجديد ، والأسلوب الجديد والقضاء الجديد الذي لم يطبق في الخلافة الأموية ولا الخلافة العباسية ولا البلدان التي تدّعي أنها إسلامية ، فكر جديد ، سلطة جديدة فيها عمق  جديد ،ذلك لأن النبي لم يعلن كل الأحكام لعدم تقبل البشرية في عصر النص وممارس  سلطته على رقعة محدودة من الأرض في حين أن الإمام سيملأ الأرض بدين جده ، دولته عالمية لم تكن الدولة في الرعيل الأول عالمية لأي بشري على الإطلا ق ولكن بحكومة المهدي العالمية سوف يحكم بكتاب الله
لكن بقراءة جديدة سوف تستخرج من القرآن قواعد جديدة أكثر عمقا وتأثيراً ما كنا نلتفت لها فالعقل البشري بدولة الإمام أكثر فهما من كل الأفهام السّابقة .سوف يشعر العالم كله المحبط الآن ونحن في مؤتمرنا أن أي نظام وضعيّ بشري المولد هو ولد غير شرعي ، لا أصل له ولا جذور ، فالعالم إلى حدّ الآن الإستعمار القديم الدكتاتوري والحديث المتمثل بالرأسمالية خلف أضرار وحروب والآم وتجويع وفساد ، وظلم وإنحراف فكريّ واجتماعي وسياسيّ واقتصاديّ فالمهمة الرئيسية لدولة المهدي الموعود الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجوراً، تغيير تلك الأنظمة الفاسدة الجائر ة ؛
فالعنوان العام لذلك الشيء الجديد هي الأيديولوجية الجديدة المتمثلة بالإسلا م ، النظام العالمي العادل ولا
يمت إلى تلك الأنظمة البالية بصلة .
لقد وصلنا إلى مرحلة متقدمة جداً من الإنحرا ف الأخلاقي والإجتماعي على اختلا ف مذاهب الناس ولغاتهم
وألوانهم ومشاربهم ، هذا الفساد الإجتماعي أدى إلى آلا ف المشاكل غزو ثقافي وغزو عقائدي وغزو أخلاقي ، غش ، فساد إداري وسياسي ،قضاة فاسدون، تفلت طلاق مسلسلا ت أفلام فاضحة إنتشرت في العالم الإسلامي ، أدت إلى كثر ة طلاقات ، إهمال العائلة والتّربية ، ربح مال سريع بالغش والفساد ، والرشو ة ، جريمة ، سرقة ، إستهتار بكل القيم الأخلاقية فساد الإعلا م والإعلا ن ،مشاكل المناهج  الدراسية والجامعية والإسترزا ق على أفكار فاسدة ومنحرفة ، الدّعوة إلى الشذوذ وتبنيه من قبل الأمم المتحدة ، ومن يخالفه يعتبر عنصريا ، الدعوة إلى تحرير المرأة من ظلم الرجل ، ودعوة المرأة  الإستغناء عن الرجل حتى في العلاقة الخاصة حتى لا تكون تابعة للرجل ، تعليم الجنس للأطفال وتسهيله في المدارس وتطبيقه في المناهج والإجهاض الآمن ،والفقر أنثى ، والمرأة ضحية ظلم الرّجل ، والدين ذكوري وأفيون الشّعوب ثالوث متطرف :
الأنثوية المتطرفة وأعداء الإنجاب والشاذين والشاذات جنسيا ، هذا هو شكل العالم اليوم ، أيديولوجية شاذة وغريبة ، قوانين غريبة تعددت وتشعبت واتصلت بالفلسفة والقانون واللغة والسياسة وعلم الإجتماع وعلم النّفس والتاريخ والأديان والعقيدة .
في حكومة الإمام سنصبح أمام عالم جديد " وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا "
في ظل إمام عادل معصوم ، أطروحة كاملة حقيقية لم تكن معلنة وأعلنت ، أحكا م ومفاهي م كانت قد أتلفت ، أفكار منحرفة قد أفسدت .في حكومة الإمام ستقوم الثورة المهدوية بتغيير نظام العالم تغييراً جذريا لا علمانية لا شيوعية ولا جاهلية حديثة لا وجود للشيطان الأكبر وستزول الغدة السرطانية إسرائيل من الوجود .لا حدود بين الدول ‘ دولته عالمية واحدة برئاسة واحد ة وقيادة واحدة إنه الفتح العالمي المبين .
في دولة الإمام الأحكام ستعلن لأن إعلانها منوط بتحقق الدّولة العالمية . والأفكار والمفاهيم ستتطور لأن قابليات النّاس أعمق ، والأحكا م التالفة آن آوا ن قطافها نحن في حكومة الإمام العادلة سيقوم بتربية النّاس بالتدرج ، ويزيل الظالمين والمنحرفين الفاشلين الذين فشلوا في فترة التّمحيص ، والعصيان في حكومة الإمام والخروج عن تعاليمه متعذرا ولو في الخفاء ، فالمخلصون كثر والإيمان بالحكومة العادلة وصدق أهداف ها يجعل المنضوين تحت لوا ء العدالة كثرأً لأن الناس يأست من تلك الأنظمة البالية والفاسدة والتي ادعت حلها لمشاكل البشرية .
هذا الوضع العا  والجو الفكري والنّفسي يهيء للمهديّ الموعود أفضل الفرص لتطبيق الشيء الجديد ما هو ببعيد و ماكانت البشرية لتتعرف عليه إلا بوجود رجل عاش في زماننا وفي كلّ الأزمنة و على درجة عالية من العصمة ، ودرجة عالية من التّأثير والإخلاص والإيمان ،تكاملت شخصيته القيادية لدرجة عالية فأصبح مطلعا على كلّ قوانين المجتمع والتاريخ البشريّ بشكل لا يمكن لأحد أن يطلع عليها ، عاصر مئات الأجيال ولاحظ  خواء هذه الأنظمة البالية مما يؤدي إلى الوصول للأهداف بشكل أسر ع وأعمق وأتم وأكمل .
أخير اً نشكر الأخوات الفاضلات على دعوتي لهذا المؤتمر المهدوي العلمي آملين من الله عز وجل أن
يعيننا حتى نخرج بتوصيات تليق بصاحب المناسبة وهو ا لمنفذ للغر ض الإلهيّ وهذه ضرورة واضحة على
مستوى الأديان السّماوية ، فيجب أن تتوفر فينا عناصر الإنتظار المطلوب حتى نساهم في بناء الحكومة المهدوية العالمية ، ونكون على استعداد كامل لتطبيق الأطروحة الكاملة العادلة ، فعلينا مراقبة أعمالنا وأقوا لنا إذا كنا عاصين ، فالعصيان الآ ن يجعلنا متمردين على حكومته العادلة ، وإذا كنا مطيعي نندر ك أن إمام زماننا يراقب أعمالنا يأسف لحالنا ، سوف نحرز الخير لأنفسنا ولأمتنا وللبشرية جمعا ء في الدنيا و في الآخرة .
رضا الله في الآخرة وفي الدنيا سلوك جيد ومعاملة صالحة فخير الفرد يعم على البشرية جمعا ء وفساده
يعم على البشرية جمعاء .

جعلنا الله وإياكم من المستمعين للقول المتبعين أحسنه
والسلام عليكن ورحمة الله وبركاته