بسم الله الرحمن الرحيم

الوحدة الاسلامية المسارات والمعوقات

إعداد و تقديم

نجاة عاشور

ماجستير القيادة في التعليم والخدمات العامة

المحاور الرئيسية :

1- مالمقصود بالوحده الاسلامية

2- ثقافة الوحدة الاسلامية في القرآن الكريم - الولاية والاخوة

3- المعوقات والتحديات التي تعرقل تحقيق مشاريع الوحدة الاسلامية لاهدافها

4- توصيات في خطاب الوحدة

مقدمة:

(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ). 110 آل عمران

"أن القرآن الكريم يصف المسلمين - في هذه الآية - بأنهم خير (أمة) هيئت وعبئت لخدمة المجتمع الإنساني، والدليل على أن هذه الأمة خير أمة رشحت لهذه المهمة الكبرى هو " قيامها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإيمانها بالله " وهذا يفيد أن إصلاح المجتمع البشري لا يمكن بدون الإيمان بالله والدعوة إلى الحق، ومكافحة الفساد" تفسيرالامثل ص644-645

فالاصل في المجتمع الاسلامي ان يتصف بالأممية ( أمة ) بينها قواسم مشتركة تجمعها مستمدة من القران وسنة رسول الله ص ,أما تعريف الأمة فهي الجماعة من الناس الذين يجمعهم فكر واحد وعقيدة واحدة مشتركة تتغلغل في سلوكهم فتخلق لديهم عادات وتقاليد مشتركة نابعة من فكرهم العقدي المشترك ، بغض النظر عن

أصولهم العرقية (مقتبس) . كما وترمز إلى النواحي الثقافية و الحضارية للمجموعة الإنسانية ( مقتبس).

ولكن بالنظر الى واقع المجتمع الاسلامي نجده مخالف تماما لهذه الحقيقة حيث اصبح صوت الطائفية البغيضه وتكفير الآخرهو الصوت الاعلى ترتكب باسمه وباسم الله والقران والاسلام ابشع الجرائم التي يدنى لها جبين الانسانية. والاسوأ هو التصارع والتباغض في داخل بيت المذهب الواحد !

من هنا كان مشروع الدعوة الى الوحده الاسلامية والذي عمل عليه منذ أمد جملة من مراجعنا العظام ومن ابرزهم اية الله العظمى الامام الخميني رض وجملة من علماء المسلمين العقلاء من الطرفين هدفا استراتيجيا مهما جدا على صعيد المرحلة لتصحيح ماأفسدته ايادي الوضاعين وحكام الجور لاهداف سياسية ودنيوية. والاولى من ذلك وهو ما اريد تسليط الضوء عليه هنا هو وحدة الصف في البيت الشيعي الواحد حيث انها الانطلاقة الاولى نحو الوحدة مع المذاهب الاخرى.

- أما لماذا الوحدة ضرورة قد ترقى الى مستوى التكليف الشرعي في السعي الى تحقيقها ,وهذا ما نجده في بعض فتاوى مراجعنا العظام في اهمية الاندماج على سبيل المثال حتى في صلاة الجماعة مع المخالفين لهذه الغاية وتحريم الاساءة لرموز الصحابة من المذاهب الاخرى. ولماذا علينا نحن الشيعه التلاحم واعادة رص الصف ؟ في الحقيقة ان وجود استراتيجية عمل قائمة على اهداف منظمة بعيدة المدى بعيدا عن منطق البركة والعشوائية في العمل ( عليكم بنظم امركم ) وانطلاقا من كوننا في زمن الانتظار الذي يتطلب السعي الحثيث لتجنيد كافة الطاقات من اجل تعجيل الفرج من مبدأ ان الامام هو من ينتظرنا لنصرته في مقابل

التجييش المنظم ضد الاسلام وضد كل ما هو ديني فان رص الصف يعد الخطوة الاولى في سبيل ترميم قواعدنا الاولية في دور الانتظار للظهور المقدس لتحقيق دولة العدل المنتظرحيث تتحقق عولمة الاسلام (ليظهره على الدين كله) ,وليتحقق ذلك علينا ان نجيد تطبيق مفهوم الانتظارفي العمل على الاولويات وعدم الانشغال في الفرعيات ومن الاولويات النهوض بالكتلة المؤمنة الواعية على اختلاف اطيافها وتوجهاتها لتكون (صفا كانهم بنيان مرصوص), ان مسئولية المتصدين للشأن العام من المتدينين اليوم قبل اي شي اخر هو العمل الجاد في طريق لملمة الساحة الايمانية ومد جسور التعاون على اوسع نطاق ممكن والعمل في القواسم المشتركه بالحد الادنى والعمل على وقف حملات التعبئة والاساءة ضد بعضهم البعض واعتماد منهجية موضوعية من قبل دعاة الوحدة للاطمئنان الى مصداقية الدعوة الى الوحدة . نعم ان الطريق طويل ولكن الغاية عظيمة.

1- مالمقصود بالوحده الاسلامية :

بمعناها الشامل العام اجتماع المسلمين على القواسم الاسلامية المشتركة وان لايتحول الاختلاف بينهم الى التنافر والانقسام بل يتم التعامل معه على انه عامل اثراء ( مقتبس). وكما يقول الشيخ حسن الصفار في كتابه خطاب الوحده نقد وتقويم " الوحده لاتعني التطابق والتماثل وعلى المسلمين قبول بعضهم على ماهم عليه من فروقات ضمن الاطار الاسلامي العام , ولا تعني انتزاع الاعتراف من كل طرف بصحة الراي الاخر "هذا المفهوم يمكن تطبيقه حتى على مستوى البيت الشيعي الواحد فالاجدى ان لا يتحول الاختلاف - الاجتهادي - الى عامل للتفرقة واثارة

العصبيات لسعة المساحات المشتركة بل لنقول وهو ادق لقلة وضآلة مساحة الاختلاف والتي غالبا لاتخرج عن الدائرة الفقهية . ان الاختلافات الاجتهادية هي أمرطبيعي بل عامل اثراء للثقافة الاسلامية ولكن ان تتحول الى عامل للانقسام والتباغض فهوأمرغير طبيعي ومرفوض .ان الوحده ليست شعارا جميلا بل واجب ديني يعتبر المخالف له اثم وهناك العديد من الادله التي تلزم المسلمين بذلك

( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) النهي هنا هو نهي تحريم ( مقتبس) وليس نهي كراهه فالتفرق حسب مدلول هذه الاية محرم شرعا , قطعا لانه يضعف الكيان الاسلامي الواحد .

2- ثقافة الوحدة الاسلامية في القرآن الكريم الولاية والاخوة :

القران يقول ان المؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) التوبه 71.

فالمؤمن ولي المؤمن مهما اختلفوا. وعندما يعبر عن علاقة المؤمن بالمؤمن يصفها بالاخوة فهو يرسم ثقافة يريد لها ان تسود في المجتمع الاسلامي وتحكم العلاقات بين المؤمنين على اختلاف توجهاتهم وارائهم من باب حقوق الاخوة الايمانية.

♦ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا ﴿فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا 103آل عمران: ﴾ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَكَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ

10الحجرات: ﴾ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ إِخْوَةٌ نَّمَا الْمُؤْمِنُونَإ ﴿

3- المعوقات والتحديات التي تعرقل تحقيق مشاريع الوحدة الاسلامية لاهدافها

- انتشار خطاب الشحن سواء الطائفي او الفئوي عبر الفضاء المفتوح بل له السبق والصوت الاعلى والاستجابة الاكبر بسبب المخزون الموروث العالق في الاذهان ضد هذا الطرف او ذاك .

- الاستبداد الفكري وتشدد البعض من المتصدين مما حول الالتزام الديني الى تحزب وتعصب يفقده القدرة على التصحيح والاندماج مع الاخرين , ان عدم القدرة على الاستماع للراي الاخر ومن جهة اخرى تسقيط الاخرين يعتبر بحد ذاته من اكبرعوامل الضعف الداخلي ويعبر عن ضعف المنظومة الفكرية لصاحبها خوفا من الذوبان في الاخر.

ومن المؤسف ان عقلية تحقيق أكبر قدر من المكاسب الاجتماعية أوغيرها لازالت هي الحاكمه في اسلوب العمل عند كافة المؤسسات الدينية في الساحة وكاننا في حرب دفاعية خوفا من ان نختطف اوأن تخترق قواعدنا سعيا لاستقطاب اكبر قدر من المؤيدين !! اخواتي الفاضلات ان الزمن لم يعد هو ذاك الزمن لقد آن الاوان لمثل هذه العقلية ان تتغيروتتطور وان نعيد النظر في استراتيجيتنا وخططنا في العمل بدءا من المنطلقات الى الغايات.

ففي البيت الشيعي الواحد ليس المطلوب الوحده الاجتهادية اوالفقهية بل الوحدة على مستوى الخطوات العملية من خلال تنظيم الجهود والتعاون وفتح الابواب مشرعة دون خوف من تبادل الخبرات والطاقات من خلال استثمار المساحات المشتركه بيننا سواء استثمار على مستوى الطاقات البشرية او المادية.

# وحول هذه الفكرة هناك دعوات من داخل الحوزات العلمية للاجتهاد التجزيئي التخصصي حيث يتاح للمقلد الرجوع لاكثر من مرجع في اكثر من باب وفقا للاعلمية والتفوق العلمي في احد الابواب الفقهية بدلا من الرجوع للمرجع الواحد الاعلم. وقد ذهب الى هذا الراي اية الله اليزدي مؤسس الحوزه العلمية في قم المقدسة انذك , هذا الراي من شأنه ان يخفف الاحتقان والتحزب عند العامة تجاه هذا المرجع او ذاك.

# في الكويت هناك مساعي يمكن ايجازها في نظريتين الاولى تتبنى اسلوب التعاون في المناسبات فقط والثانية تتبنى الاسلوب المنظم تحت سقف مؤسسي يجمع ولكل نموذج خطة عمل واعتقد باننا تجاوزنا الاسلوب الاول وينبغي ان نفكر جديا في الاسلوب الثاني والانخراط فيه مع احترام مسافات ومساحات الاختلاف .

واننا في اتحاد الحسينيات النسوية في الكويت والذي تاسس في 2012 منبثقا من تجمع تواصي النسوي نعتمد النمط المؤسسي والذي يسعى للتعاون مع مختلف التيارات الفكرية الشيعية في الكويت حيث رسمنا منذ اليوم الاول الرؤية والرسالة ووضعنا الاهداف القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى التي تقوم في الاتحاد على منهجية تصحيحة لواقع الحسينيات النسوية على الاقل في الكويت فكانت رؤيتنا ( نحو ثقافة حسينية نقية ) انطلاقا من شعار ( معا نحو منبر حسيني واع ) وما هذا الملتقى المبارك الا خطوة في هذا السبيل .

- هناك الكثير من القضايا الدخيلة في تراثنا تحولت الى ثقافة تأصلت مع مرور الزمن حتى اصبحت جزء من موروثنا الديني تحتاج الى غربلة علمية وحركة تصحيحة من المتصدين من العلماء والحوزات العلمية والمثقفين بعيدا

عن الحالة العاطفيه حتى لانخرج عن الاطر الموضوعية والعلمية من اجل تصفيتها ,هذا الامر ضروري وحتمي لان هذه الرواسب من اكبر المعوقات والتي تسببت في وجود الحواجز النفسية بين المؤمنين انفسهم. بل كمحصلة وصولا الى التناقض بين الشعاروالسلوك ( النفاق الاجتماعي نتيجة ).

- وفي هذه الجزئية من الجديرة بالاهتمام أن نفهم ماذا تستلزم الوحدة وما هي متطلبات الوحدة الواقعية ؟ حيث ان الوحدة الواقعية لاتستلزم الغاء حرية الفكر ولا فرض الراي قسرا ( بل ان الدعوة الى الوحدة واجتماع الكلمة من منطلق خطورة وجود الراي الاخر قطعا مرفوض ) الشيخ حسن الصفار في كتابه خطاب الوحده نقد وتقويم

4- توصيات في خطاب الوحدة :

في الدعوة الى الوحده من المهم ان يوضع لها اسس ومنها:

 § أولا ان نمتلك الجرأة في نقد وتقييم خطابنا الوحدوي والاعتراف بالقصورالشديد والمسئولية تجاه هذا التقصير.

§ نقل الخطاب الوحدوي من التنظير الى الجدية في التطبيق العملي من خلال اهتمام المؤسسات الدينية بنشر وتبني ثقافة الوحدة في برامجها.

§ والاستفادة من التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعية في جعلها ثقافة مجتمعية من خلال استخدام لغة العصر في مخاطبة الجيل الواعد من الشباب.

§ العالم يتجه نحوالعولمه ضد الاسلام ولابد للجماعات الاسلامية الدفع نحو التطويروالتنمية على نفس المنوال وعلى كافة الصعد بالتعاون مع بعضهم البعض. من خلال طي صفحة العمل الفردي الصرف واسلوب العمل غير الممنهج والبدء في الانخراط في العمل الجماعي مع الحفاظ على الهوية الشخصية لكل جماعة والعمل على تحويل اسلوب العمل في ادارة العمل الاسلامي من التطوعي الصرف الى التطوعي المسئول.

§ قبول التعددية والايمان بان الاختلاف امر طبيعي لا يعيق التعاون والاندماج مع الاخر.

§ غربلة واعادة النظر في الموروث الثقافي من قبل المختصين والدقة من قبل الاخوات في اختيار المادة الثقافية خصوصا على المنابر.

§ التواصل الفكري والعلمي والمناقشة بتجرد وانفتاح المدارس المختلفة على بعضها بثقة للتقريب دون خوف وبمصداقية .

§ عدم الانطلاق من منطلق رد الفعل تجاه الاخر بل من منطلق الاحساس بالمسئولية الشرعية تجاه الوحده .

§ في ظل التهديد الذي تواجهه الامه يفترض ان نتحدث عن الوحده كتكليف شرعي

§ مهمة الخطاب الوحدوي اليوم هو اعتماد الطرح العلمي الموضوعي والتعارف والتقريب بين المدارس المختلفة والعمل في المساحات المشتركة

§ رفض الاساءة للرموز من كافة الاطراف ووقف حملات التشهير والتعبئة.

§ انتاج ثقافة داعمة للخطاب الوحدوي من خلال التعبئة الجماهيرية لها.

§ تشجيع التواصل الاجتماعي بين كافة الطراف وحمايتها من الانشقاق والفتن.

§ تكثيف النشاطات الجماعية واعطاءها الاولوية ضمن برامج كل جهه.

§ وجود حاضنات متنوعه كمؤسسات ثقافية واجتماعية تجمع كافة الاطياف اتحاد الحسينيات النسوية نموذجا.

§ النظر للامور من منظار المصلحه العليا والغايات الكبرى والخروج من الدائرة الفئوية والحزبية الضيقة والانانية المقيته كل ذلك من شانه تعويد النفس على التسامح والتنازل وتجاوز الذات من اجل الاخرين وكسرالغروروالتخلص من عبودية الانا , انه طريق خلوص النية لله عز وجل وهو ميدان الجهاد الاكبر الحقيقي لمن اراد ان يتكامل عمليا في طريق السير والسلوك الى الله عزوجل .